للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ويجاب:

بأن قول الصحابي حجة بشرطين:

أحدهما: ألا يخالف مرفوعًا، وهذا الشرط لم يتوفر هنا.

الثاني: ألا يخالف صحابيًا آخر، وهذا أيضًا لم يتوفر في مسألتنا، فقد روى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن جابر بن سمرة، أنه قال: كنا نتوضأ من لحوم الإبل، ولا نتوضأ من لحوم الغنم (١).

وقوله: (كنا) إشارة إلى عامة الصحابة أو أغلبهم.

ثم إن كلام ابن عباس غير مطرد أيضًا، فإنه غير مسلم بأن الوضوء مما خرج فقط، ذلك أن التقاء الختانين ولو لم يحصل إنزال فهو مبطل للوضوء على الصحيح، وهو مما دخل، وليس مما خرج، ولا يعترض عليه بأن هذا يوجب الغسل؛ لأن الكلام على كونه مبطلًا للوضوء وليس الكلام فيما يوجبه، وهما مسألتان، ولأن كل ما يوجب الطهارة الكبرى فإنه موجب للطهارة الصغرى من باب أولى، كما أن مس الذكر على الصحيح مبطل للوضوء، وليس هو مما خرج.

* الدليل الثالث:

(٤٦٩ - ٣٢٣) ما رواه ابن الجعد، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن يحيى بن وثاب، قال:

سألت ابن عمر عن الوضوء مما غيرت النار، فقال: الوضوء مما خرج، وليس مما دخل؛ لأنه لا يدخل إلا طيبًا، ولا يخرجه إلا خبيثًا (٢).

[رجاله ثقات] (٣).


(١) المنصف تحقيق عوامة (٥١٧)، وسيأتي تخريجه في أدلة القول الثاني.
(٢) مسند ابن الجعد (٤٤٧).
(٣) واختلف على يحيى بن وثاب، فرواه عنه أبو إسحاق كما تقدم من مسند ابن عمر، ورواه عبد الرزاق في مصنفه (١٠٠) عن الثوري، وابن أبي شيبة في المصنف (٥٤٢) حدثنا هشيم، كلاهما عن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب، عن ابن عباس، فجعله من مسند ابن عباس،
ويحيى بن وثاب ثقة، قد روى عن ابن عباس وابن عمر، وقد اشتهر الأثر عن ابن عباس من طرق كثيرة، كما قدمنا، فإن كان الطريقان محفوظين، وإلا فطريق أبي حصين أرجح من وجهين:
الأول: أن الأثر عن ابن عباس لم يكن فردًا كما هو الحال في أثر ابن عمر.
الثاني: أن الإمام أحمد سئل عن أبي حصين، فقال: كان صحيح الحديث. قيل له: أيما أصح حديثًا هو أو أبو إسحاق؟ قال: أبو حصين أصح حديثا بقلة حديثه. تهذيب التهذيب (٧/ ١١٦)، والله أعلم.
الثالث: أن ابن عمر كان يرى الوضوء من ملامسة المرأة، وهو ليس مما خرج، انظر (ح ١٠٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>