للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الضررين، ويوافق يسر الشريعة وسماحتها (١).

• دليل المالكية على المنع من الرخص المختصة بالسفر دون غيرها:

قالوا: إن كل رخصة تختص بالسفر كالقصر والفطر لا يجوز له الترخص فيها، وأدلتهم هي نفس أدلة الشافعية والحنابلة ذلك أن الرخص لا تستباح بالمعاصي.

وأما الرخص التي لا تختص بالسفر كالتيمم عند عدم الماء، وأكل الميتة عند الاضطرار، فإن حكمه حكم المقيم العاصي، فإذا كان المقيم يترخص بهذه الرخص، ولو كان عاصيًا، فكذلك المسافر العاصي في سفره فإن له الترخص فيها؛ لأن استباحة هذه الرخص لم تكن بسبب السفر حتى يمنع منها.

وكيف يجوز منعه من أكل الميتة ومن التيمم لأجل معصية ارتكبها، وفي ترك الأكل تلف نفسه، وتلك أكبر المعاصي، وفي تركه التيمم إضاعة للصلاة، أيجوز أن يقال: ارتكبت معصية فارتكب أخرى، أيجوز أن يقال لشارب الخمر: ازن، وللزاني اقتل.

• الراجح:

أن الرخص تشريع عام، تشمل العاصي وغيره، والنصوص في الترخص مطلقة، ولا تقيد إلا بنص من الشارع، ولم يأت من منع بدليل قوي سالم من النزاع يصار إليه، والله أعلم.

* * *


(١) قال النووي في المجموع (١/ ٥١١): «قال ابن القاص والقفال وغيرهما: لو وجد العاصي بسفره ماء، فاحتاج إليه للعطش لم يجز له التيمم بلا خلاف، وكذا من به قروح يخاف من استعمال الماء الهلاك، وهو عاص بسفره لا يجوز له التيمم؛ لأنه قادر على التوبة وواجد للماء، قال ابن القفال: فإن قيل: كيف حرمتم أكل الميتة على العاصي بسفره، مع أنه يباح للحاضر في حال الضرورة، وكذا لو كان به قروح في الحضر جاز التيمم؟ فالجواب: أن أكل الميتة وإن كان مباحًا في الحضر عند الضرورة، لكن سفره سبب لهذه الضرورة، وهو معصية، فحرمت عليه الميتة في الضرورة، كما لو سافر لقطع الطريق فجرح لم يجز له التيمم لذلك الجرح، مع أن الجريح الحاضر يجوز له التيمم، فإن قيل: تحريم الميتة واستعمال الجريح الماء يؤدي إلى الهلاك. جوابه ما سبق أنه قادر على استباحته بالتوبة، هذا كلام القفال». إلخ كلامه

<<  <  ج: ص:  >  >>