للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني:

أن هناك فرقًا بين الصلاة في الأرض المغصوبة، والوضوء من آنية الذهب والفضة، فالقيام والركوع والسجود في الدار المغصوبة محرم، وهي أمثال الصلاة، وأمثال الوضوء من الغسل والمسح ليست محرمة، كما أن المكان شرط في الصلاة لا يمكن وجودها إلا به، والإناء ليس بشرط، أشبه ما لو صلى، وفي يده خاتم ذهب (١).

• دليل من قال يعيد الطهارة ما دام في الوقت.

ظاهر أن قول المالكية في هذه المسألة وفي ما شابهها ممن يطلبون الإعادة في الوقت، فإذا خرج الوقت لم يطلب منه الإعادة أنهم لا يرون وجوب الإعادة؛ لأن الذمة لو كانت مشغولة في وجوب الإعادة لم يكن هناك فرق بين الوقت وبين خارج الوقت.

وقد قال بعضهم عن أصحاب مالك: إن كل موضع يقول فيه مالك: إنه يعيد في الوقت هو استحباب ليس بإيجاب (٢).

إلا أن يستدل في قصة المسيء صلاته، فإنه قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، فطلب منه الإعادة في الوقت، ولم يطلب منه إعادة كل ما صلى.

فإن كانت الإعادة مستحبة، كان أدلة هذا القول لا تخرج عن أدلة قول من يرى وجوب الإعادة، إلا أنه حمل الأمر فيها على الاستحباب وغيره حملها على الوجوب.

• الراجح من الخلاف:

بعد استعراض أدلة كل فريق الذي يظهر لي أن القول بصحة الطهارة أرجح لقوة أدلته، وأن الصحة والتحريم على القول بتحريم الطهارة من آنية الذهب والفضة غير متلازمين، فقد يحرم الشيء ويصح، وقد يكون محرمًا باطلًا، والنهي لم يكن عائدًا للوضوء، وإنما هو لأمر خارج، والله أعلم.

* * *


(١) الشرح الكبير (١/ ٨٨)، المبدع (١/ ٦٧).
(٢) أحكام القرآن للجصاص (٥/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>