من المضمضة والاستنشاق والتثليث فيهما، وذكر مسح الرأس مبينًا من أين يبدأ، وأنه من مقدم الرأس، وذكر إقبال اليدين وإدبارهما، ثم انتقل إلى غسل الرجلين، ولم يذكر الأذنين، ولو أن الراوي قال: ومسح برأسه لقيل: ربما أنه أجمل، فلما ذكر صفة مسح الرأس بداية ونهاية، ولم يتعرض للأذنين علم أنه لم يمسحهما، وتركه لهما وهو في معرض بيانه لصفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم دليل على أن مسحهما ليس بواجب.
* الدليل الثالث:
(٣٤٣ - ١٩٧) ما رواه البخاري من طريق ابن شهاب، أن عطاء بن يزيد أخبره، أن حمران مولى عثمان أخبره،
أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء، فأفرغ على كفيه ثلاث مرار، فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء، فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه. ورواه مسلم (١).
وجه الاستدلال:
الاستدلال بهذا الحديث كالاستدلال بالحديث السابق، حيث ذكر مسح الرأس، ولم يذكر مسح الأذنين، والسياق في بيان صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين حصل له من الأجر كذا وكذا، وهذا الوضوء ليس فيه مسح الأذنين، فمن امتثل الحديث فقد صح وضوءه، وفعل ما أمر به.
* الدليل الرابع:
لم يرد في السنة أمر من النبي صلى الله عليه وسلم بمسح الأذنين، وما نقل عنه أنه كان صلى الله عليه وسلم يمسح أذنيه هي مجرد أفعال، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب.