للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدليل الخامس]

قال الحنفية: نحن لا نجعل المعصية سببًا في الرخصة، وإنما السبب لحوق المشقة الناشئة من نقل الأقدام، والحر والبرد وغير ذلك، والمحظور ما يجاوره من المعصية، فكان السفر من حيث إفادته الرخصة مباحًا؛ لأن ذلك مما يقبل الانفصال.

• دليل من قال: لا يمسح مسح مسافر:

[الدليل الأول]

قوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْه) [البقرة: ١٧٣].

وقال تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) [المائدة: ٣].

قال ابن قدامة: «أباح الأكل لمن لم يكن عاديًا ولا باغيًا، فلا يباح لباغ ولا عاد. قال ابن عباس: غير باغ على المسلمين، مفارق لجماعتهم، يخيف السبيل، ولا عاد عليهم» (١).

• وأجيب:

ما نسبه ابن قدامة لابن عباس غير معروف عنه، والمعروف عن ابن عباس في قوله: (غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ) أي غير باغ في أكل الميتة ولا عاد في أكله (٢).

وهذا قول قتادة، والحسن، ورجحه ابن جرير الطبري في تفسيره (٣).

وقال ابن تيمية: «أكثر المفسرين قالوا: المراد بالباغي: الذي يبغي المحرم من الطعام مع قدرته على الحلال، والعادي: الذي يتعدى القدر الذي يحتاج إليه، وهذا


(١) المغني (٢/ ٥١)، قلت: هذا القول ذكره ابن جرير الطبري عن مجاهد، وسعيد بن جبير، ولا يعرف هذا القول عن ابن عباس.
(٢) انظر تفسير ابن كثير (١/ ٢٠٦)، أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٥٦)، الدر المنثور (١/ ٤٠٧).
(٣) تفسير القرطبي (٢/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>