للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما الدم مكون منه، فجدار الرحم يبطن من أوعية دموية، وغدد، ونحوها، لهذا فيه اللون الأسود، واللون الكدر، والأحمر، والأصفر، والله أعلم.

[الدليل الثالث]

قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) [البقرة: ٢٢٢]. فالأذى: هو النجس، ولا نجس إلا الدم.

وأجيب:

على التسليم بأن الصفرة والكدرة ليست بنجسة، فإن الأذى يطلق على غير النجاسة، قال تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ) [البقرة: ١٩٦]، فالأذى يطلق على ما يتأذى منه، سواء كان طاهرًا أو نجسًا على أننا لا نسلم بطهارة الصفرة والكدرة، وهي من بقايا دم الحيض، فإذا كنا عرفنا كيف يحدث الحيض للمرأة، وأن الحيض عبارة عن انهدام الغشاء المبطن للرحم، وهو متكون من أوعية دموية وغدد، ونحوها فلم يكن الحيض هو الدم الخالص بل كل ما نزل من جدار الرحم يعتبر حيضًا، وهو يتفاوت في أول الحيض وفورته، وآخره.

هذه أدلة من رأى أن الصفرة والكدرة ليست حيضًا، وعمدتهم حديث (إن دم الحيض دم أسود يعرف) وهو حديث منكر كما تقدم.

قال ابن حزم: «إذا رأت المرأة الدم الأسود من فرجها أمسكت عن الصلاة والصوم، وحرم وطؤها على بعلها وسيدها، فإن رأت أثر الدم الأحمر، أو كغسالة اللحم، أو الصفرة، أو الكدرة أو البياض، أو الجفوف التام فقد طهرت» (١).

وقال أيضا: «وجدنا النص قد ثبت وصح أنه لا حيض إلا الدم الأسود، وما عداه ليس حيضًا، لقوله عليه السلام: (إن دم الحيض أسود يعرف) فصح أن المتلونة الدم طاهرة تامة الطهارة، لا مدخل لها في حكم الاستحاضة، وأنه لا فرق بين الدم


(١) المحلى مسألة (٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>