للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما ترجيح أن المراد به المجتاز، وليس المسافر، فيرجحه أن الله سبحانه وتعالى قد بين حكم المسافر إذا عدم الماء وهو جنب في قوله تعالى: (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ... ) الآية [المائدة: ٦]، فلو كان يقصد بقوله: إلا عابري سبيل هو المسافر، لم يكن لإعادة ذكره معنى.

وأما ترجيح تفسير (عَابِرِي سَبِيلٍ) بالمسافر، فيكفي أنه تفسير اثنين من الصحابة رضي الله عنهما، ابن عباس، وعلي بن أبي طالب، ولأنه لا يحتاج إلى تقدير في الآية، فمعنى (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) على حقيقته وليس مواضع الصلاة كما فسرها أصحاب القول الأول ... وتفسير الصحابة أحب إلى نفسي وإن كان قد يبدو لفهمي القاصر خلاف المعنى. والله أعلم.

وعلى القول بأن الجنب منهي عن المكث في المسجد، فقياس الحائض عليه ليس دليلًا مسلمًا من كل وجه ...

أولًا: لضعف القياس في مثل هذه الأمور.

وثانيًا: الجنب بيده أن يتطهر، ففي الآية حث له على الإسراع على التطهر أما الحائض فلا تملك أمرها.

[الدليل الخامس]

(١٨٣١ - ٢٩١) ما رواه البخاري من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة،

عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم، وهي حائض وهو معتكف في المسجد، وهي في حجرتها يناولها رأسه. ورواه مسلم بنحوه (١).

وجه الاستدلال:

قالوا لو كانت الحائض تدخل المسجد لما أحوجت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الفعل، ولبادرت إليه.


(١) صحيح البخاري (٢٠٤٦)، ومسلم (٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>