للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك على حديث الفأر في السمن. قيل لهم: ومن أين لكم عموم القياس على ذلك الخبر؟ فهلا قستم على الفأر كل ذي ذنب طويل، أو كل حشرة من غير السباع وهذا ما لا انفصال لهم منه أصلًا، والعجب كله من حكمهم: أن ما كان له دم سائل فهو النجس، فيقال لهم: فأي فرق بين تحريم الله تعالى الميتة وبين تحريم الله تعالى الدم؟ فمن أين جعلتم النجاسة للدم دون الميتة؟ وأغرب ذلك أن الميتة لا دم لها بعد الموت فظهر فساد قولهم بكل وجه» (١).

• والجواب على ما أثاره ابن حزم، أن يقال:

أولًا: ليس كل دم حرام، وإنما النص جاء في الدم المسفوح، فقال تعالى: (أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً).

ثانيًا: (١٠٨٨ - ٥٩) لا شك أن تحريم الميتة كان من أسبابها انحباس الدم، ولذلك روى البخاري في صحيحه من طريق سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة،

عن جده أنه قال: يا رسول الله ليس لنا مدى فقال ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل ليس الظفر والسن أما الظفر فمدى الحبشة وأما السن فعظم (٢).

فقوله: ما أنهر الدم، دليل على أن انحباس الدم وعدم إنهاره مؤثر في حل الذبيحة.

ثالثًا: جاء في حديث ابن عباس في مسلم: إذا دبغ الإهاب فقد طهر (٣).

فالإهاب لما كان متصلًا برطوبة النجاسة ودمها كان نجسًا، فإذا دبغ قطعت عنه هذه النجاسات، فأصبح طاهرًا، فما بالك بالحيوان الذي ليس فيه دم أصلًا.

وقد ذكر ابن تيمية أن علة نجاسة الميتة، إنما هو لاحتباس الدم فيها، فما لا نفس له سائلة، ليس فيه دم سائل، فإذا مات لم يكن فيه دم يحتبس فيه، فلا ينجس والذي


(١) المحلى (١/ ١٥٢) وما بعدها.
(٢) صحيح البخاري (٢٤٨٨)، ومسلم (١٩٦٨).
(٣) مسلم (٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>