للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه كان يقول: الحمار يعلف القت والتبن، فسؤره طاهر. وعندنا مشكوك فيه غير متيقن بطهارته، ولا بنجاسته؛ فإن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: إنه رجس، فيتعارض قوله وقول ابن عباس رضي الله عنهما، وكذلك الأخبار تعارضت في أكل لحمه فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر.

وروي أن أبجر بن غالب رضي الله عنه قال: لم يبق لي من مالي إلا حميرات فقال عليه الصلاة والسلام كل من سمين مالك (١)، وكذلك اعتبار سؤره بعرقه يدل على طهارته، واعتباره بلبنه يدل على نجاسته؛ ولأن الأصل الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهرة موجود في الحمار؛ لأنه يخالط الناس لكنه دون ما في الهرة فإنه لا يدخل المضايق فلوجود أصل البلوى لا نقول بنجاسته، ولكون البلوى فيه متقاعدًا لا نقول بطهارته فيبقى مشكوكًا فيه، وأدلة الشرع أمارات لا يجوز أن تتعارض، والحكم فيها الوقف (٢).

وهذه الأدلة التي ساقها السرخسي ليست متكافئة، حتى يقال: بالتعارض، فأثر ابن عباس لم يعارض الحديث المرفوع في النهي عن لحوم الحمر الأهلية، فإننا نقول بطهارة سؤرها، وتحريم لحمها، ولا تعارض.

وأما الأحاديث التي ساقها، فيقال: الحديث الضعيف لا يعارض به الحديث المتفق على صحته، فالنهي عن لحوم الحمر الأهلية ثابت في حديث متفق على صحته، كما خرجته في أدلة القول الأول.

وحديث (كل من سمين مالك) حديث مضطرب، لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(١٠٦٢ - ٣٣) فقد رواه أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، عن عبيد بن الحسن، قال: سمعت عبد الله بن معقل يحدث عن عبد الله بن بسر،


(١) سيأتي تخريجه قريبًا إن شاء الله تعالى.
(٢) المبسوط (١/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>