للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشافعي: الإفضاء باليد إنما هو ببطنها كما تقول: أفضى بيده مبايعًا، وأفضى بيده إلى الأرض ساجدًّا أو إلى ركبتيه راكعًا، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالوضوء إذا أفضى به إلى ذكره فمعلوم أن ذكره يماس فخذيه، وما قارب ذلك من جسده فلا يوجب ذلك عليه بدلالة السنة وضوءًا (١).

وقال النووي: قال ابن فارس في الجمل: أفضى بيده إلى الأرض إذا مسها براحته في سجوده، ونحوه في صحاح الجوهري وغيره (٢).

ولأن ظهر الكف ليس بآلة لمسه، فالتلذذ لا يكون إلا بالباطن، فالباطن هو آلة مسه.

قال الحافظ في التلخيص: «احتج أصحابنا بهذا الحديث في أن النقض إنما يكون إذا مس الذكر بباطن الكف لما يعطيه لفظ الإفضاء؛ لأن مفهوم الشرط يدل على أن غير الإفضاء لا ينقض فيكون تخصيصًا لعموم المنطوق، لكن نازع في دعوى أن الإفضاء لا يكون إلا ببطن الكف غير واحد، قال ابن سيدة في المحكم: أفضى فلان إلى فلان: وصل إليه، والوصول أعم من أن يكون بظاهر الكف أو باطنها. وقال ابن حزم: الإفضاء يكون بظهر اليد كما يكون ببطنها، وقال بعضهم: الإفضاء فرد من أفراد المس، فلا يقتضي التخصيص» (٣).

وهذا هو الحق؛ لأن اليد تطلق على الكف كلها، قال تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [المائدة: ٣٨]، والقطع إنما هو للكف.

وقال تعالى: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [المائدة: ٦]، وإنما يمسح الكف كما دل عليه حديث عمار في الصحيح، فإذا ذكر الإفضاء بباطن الكف، وهو فرد من أفراد المطلق لم يقتض تقييدًا للمطلق.


(١) الأم (١/ ٢٠).
(٢) المجموع (٢/ ٤٠).
(٣) تلخيص الحبير (١/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>