للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن الأثير: المسح يأتي بمعنى المسح باليد، وبمعنى الغسل (١)، ويكون معنى حديث علي رضي الله عنه: (مسح وجهه وذراعيه، ورأسه ورجليه) أي غسلهما غسلًا خفيفًا، والله أعلم.

• والجواب:

أولًا: حمل أحاديث المسح على النعلين على تجديد الوضوء حمل ضعيف؛ لأنه صح عن علي رضي الله عنه غسل الرجلين ثلاثًا، ومَسْحُ النعلين، ومَسْح القدمين بلا نعلين في طهارة تجديد الوضوء، وهذه الأحاديث لا يعارض بعضها بعضًا، مع اختلاف مخارجها.

ثانيًا: ثبت عن علي بسند صحيح كما خرجته عنه أنه بال، ثم توضأ، فمسح على نعليه، ثم أقام المؤذن فخلعهما، ثم صلى، كما في مصنف ابن أبي شيبة (٢)، وهذا صريح في أنه مسح على نعليه بعد الحدث، وهو نفسه الراوي لمسح القدمين في طهارة تجديد الوضوء.

والقول: بأن المسح يأتي بمعنى الغسل، هذا أيضًا فيه إشكال، وهو أن عليًّا رضي الله عنه جعل هذا وضوء من لم يحدث، ولو كان المسح بمعنى الغسل لم يكن لقيد (ما لم يحدث) معنى، والأصل حمل المسح على حقيقته إلا لقرينة مانعة من حمل اللفظ على حقيقته، ولا قرينة، والله أعلم.

هذا ما أمكن جمعه في مسألة المسح على النعلين، والراجح عندي جوازه، بناء على أصل فقهي مشيت عليه، وهو الاحتجاج بما يثبت عن الصحابة، خاصة ما كان معدودًا من الفقهاء منهم إذا لم يخالف من مثله، ولو لم يأت في المسألة إلا الأثر عن علي ابن أبي طالب لانشرح الصدر بالقول به، ما دام أنه لم يعلم له مخالف، وكونه لم ينتشر


(١) النهاية في غريب الحديث (٤/ ٩٢).
(٢) المصنف (١/ ١٧٣)، وانظر تخريجه ح: (٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>