الواردة في مسح الأسفل مع الأعلى، وأصح ما ورد في مسح الأسفل فعل ابن عمر، وهو مع كونه موقوفًا فهو حكاية فعل، وابن عمر له نزعة احتياطية خاصة في الطهارة، وكان يمكن الأخذ بما روي عن ابن عمر باعتباره من فقهاء الصحابة رضوان الله عليه وعلى أبيه إلا أنه حين كان مخالفًا للمرفوع من حديث علي رضي الله عنه قدم عليه.
قال ابن رشد في بداية المجتهد «وسبب اختلافهم تعارض الآثار الواردة في ذلك، وتشبيه المسح بالغسل، وذلك أن في ذلك أثرين متعارضين:
أحدهما: حديث المغيرة بن شعبة، وفيه:(أنه مسح أعلى الخف وباطنه).
والآخر: حديث علي: (لو كان الدين بالرأي، لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه).
فمن ذهب مذهب الجمع بين الحديثين، حمل حديث المغيرة على الاستحباب، وحديث علي على الوجوب، وهي طريقة حسنة، ومن ذهب مذهب الترجيح أخذ إما بحديث علي، وإما بحديث المغيرة، فمن رجح حديث المغيرة على حديث علي رجحه من قبل القياس، أعني: قياس المسح على الغسل، ومن رجح حديث علي، رجحه من قبل مخالفته للقياس، أو من جهة السند ... إلخ كلامه رحمه الله.
قلت: وإذا كان الاكتفاء بالظاهر مخالفًا للقياس، كان من قال به لابد أنه اطلع على سنة في هذا؛ لأن مجرد القياس قد لا يدل عليه، ومن مسح الأعلى والأسفل اجتهد برأيه قياسًا على الغسل، ولا شك أن الأول أولى، على أن قولنا مخالف للقياس هذا بحسب الفهم القاصر، وإلا فلا يوجد في الشرع ما يخالف القياس الصحيح، فإن التخفيف بالمسح على وفق القياس.
وأنكر ابن حزم على المالكية كونهم يأمرون من ترك مسح أسفل الخف دون أعلاه، أن يعيد صلاته ما دام في الوقت.
قال ابن حزم: «إن كان قد أدى فرض طهارته وصلاته فلا معنى للإعادة، وإن