قلنا لنابتة الجعفي، وكان أجرأنا على عمر: سله عن المسح على الخفين، فسأله، فقال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة. فالأثر إسناد رجاله كلهم ثقات، وإنما جعلت الحديث من رواية سويد بن غفلة، عن عمر، لا من رواية نباتة عن عمر؛ لأن نباتة في هذا الإسناد ليس واسطة بين سويد وبين عمر حتى ممكن أن يكون من رواية نباتة عن عمر، وقد جاء عند الطحاوي (١/ ٨٤) عن سويد بن غفلة قال: أتينا عمر، فسأله نباتة، فهذا صريح في أن السائل والسامع اشتركا في سماعه من عمر ... قلت ذلك حتى لا يضعف الأثر بنباتة. ونباتة وثقه العجلي، وقال ابن حزم في المحلى (٢/ ٩١): من أوثق التابعين. وفي التقريب: مقبول. يعني: إن توبع، وإلا فلين. وحكم الحافظ أدق. ورواه ابن أبي شيبة (١/ ١٦٤) وخالف يحيى بن حسان، فقال: حدثنا أبو الأحوص، عن عمران ابن مسلم، قال: قلنا لنباتة الجعفي -وكان أجرأنا على عمر-: سله، فذكر الحديث. فهنا أسقط من الإسناد سويد بن غفلة. ورواية يحيى بن حسان كما في إسناد الطحاوي المتقدم، عن أبي الأحوص أرجح؛ لأن يحيى بن حسان قد توبع بذكر سويد، تابعه: الثوري، وزهير، ومالك بن مغول. فقد أخرجه الطحاوي (١/ ٨٣) من طريق مؤمل، قال: ثنا سفيان ثنا عمران بن مسلم، عن سويد ابن غفلة به، إلا أنه قال: امسح عليهما يومًا وليلة. ومؤمل صدوق، وسوء حفظه قد زال بالمتابعة. وأخرجه الطحاوي (١/ ٨٣) من طريق سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، أخبرنا مالك بن مغول، عن سويد، قال: أتينا عمر، فسأله نباتة .. وذكر الأثر. وقد صرح هشيم بالتحديث فالإسناد صحيح. ورواه ابن المنذر في الأوسط (١/ ٤٣٦) من طريق زهير، حدثنا عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة. فهؤلاء ثلاثة ثقات يذكرون في الإسناد سويدًا، وهم الثوري، ومالك بن مغول، وزهير. ورواه حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، واختلف على حماد فيه: فرواه شعبة كما عند الطحاوي (١/ ٨٣) عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن نباتة، عن عمر، بذكر نباتة. ورواه هشام، عن حماد، واختلف على هشام: فرواه أبو عامر العقدي كما عند الطحاوي (١/ ٨٣) عن هشام، عن حماد به، بذكر نباتة. ورواه مسلم -يعني: ابن إبراهيم- كما عند الطحاوي (١/ ٨٣) حدثنا هشام، ثنا حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر، فأسقط نباتة. وعلى تقدير ترجيح طريق شعبة حيث لم يختلف عليه، فإن الإسناد حسن؛ لأن نباتة قد توبع، وباقي الإسناد رجالهم كلهم ثقات إلا حماد بن أبي سليمان ففي التقريب: فقيه صدوق له أوهام، والله أعلم.