للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متى خلع، وغسل لم ينتظروه، فينقطع عنهم، فلا يعرف الطريق، أو يخاف إذا فعل ذلك من عدو، أو سبع، أو كان إذا فعل ذلك فاته واجب، ونحو ذلك، فهنا قيل: إنه يتيمم.

وقيل: إنه يمسح عليها للضرورة، وهذا أقوى؛ لأن لبسها هنا صار كلبس الجبيرة من بعض الوجوه، فأحاديث التوقيت فيها الأمر بالمسح يومًا وليلة، وثلاثة أيام ولياليهن، وليس فيها النهي عن الزيادة إلا بطريق المفهوم، والمفهوم لا عموم له، ثم قال: «وعلى ذلك يحمل حديث عقبة بن عامر، لما خرج من دمشق إلى المدينة، يبشر الناس بفتح دمشق، ومسح أسبوعًا بلا خلع، فقال له عمر: أصبت السنة، وهو حديث صحيح، وليس الخف كالجبيرة مطلقًا فإنه لا يستوعب بالمسح بحال، ويخلع بالطهارة الكبرى، ولا بد من لبسه على طهارة، لكن المقصود أنه إذا تعذر خلعه فالمسح أولى من التيمم» (١).

وقال أيضًا: «لما ذهبت على البريد، وجد بنا السير، وقد انقضت مدة المسح، فلم يمكن النزع والوضوء إلا بانقطاع عن الرفقة، أو حبسهم على وجه يتضررون بالوقوف، فغلب على ظني عدم التوقيت عند الحاجة، كما قلنا في الجبيرة، ونزلت حديث عمر، وقوله لعقبة بن عامر: أصبت السنة على هذا توفيقًا بين الآثار، ثم رأيته مصرحًا به في مغازي ابن عائد، أنه قد كان ذهب على البريد كما ذهبت لما فتحت دمشق، ذهب بشيرا بالفتح من يوم الجمعة إلى يوم الجمعة، فقال له عمر: منذ كم لم تنزع خفيك؟ فقال: منذ يوم الجمعة، قال: أصبت، فحمدت الله على الموافقة، وهذا أظنه أحد القولين لأصحابنا، وهو أنه إذا كان يتضرر بنزع الخف، صار بمنزلة الجبيرة ... إلخ كلامه رحمه الله» (٢).


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ١٧٧).
(٢) المرجع السابق (٢١/ ٢١٥)، وهو قول في مذهب الحنفية كما قدمت في الأقوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>