ولأنه أسلم خلق كثير لهم الزوجات والأولاد، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل وجوبًا، ولو وجب لأمرهم به.
ولأن الكافر إذا أسلم لا يطالب بقضاء الصلاة ولا بقضاء الصوم، فكذلك لا يطلب بما فعله حال كفره قبل أن يلتزم أحكام الإسلام.
وأما القياس على البول فهو قياس مع الفارق، فهو لم يجب عليه الوضوء للصلاة بسبب الحدث السابق حال كفره، وإنما هو مخاطب عند القيام إلى الصلاة بأن يكون على طهارة، وهو لم يفعلها، وقد قال سبحانه:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... )[المائدة: ٦]، فكان فعله الوضوء بناءً على امتثال أمر الله سبحانه وتعالى حال إسلامه، وليس بسبب الحدث القائم وقت كفره.
ورده النووي بقوله:
أما الآية الكريمة والحديث فالمراد بهما غفران الذنوب، فقد أجمعوا على أن الذمي لو كان عليه دين أو قصاص لا يسقط بإسلامه، ولأن إيجاب الغسل ليس مؤاخذة وتكليفًا بما وجب في الكفر، بل هو إلزام شرط من شروط الصلاة في الإسلام فإنه جنب والصلاة لا تصح من الجنب، ولا يخرج بإسلامه عن كونه جنبًا، والجواب عن كونهم لم يؤمروا بالغسل بعد الإسلام أنه كان معلومًا عندهم، كما أنهم لم يؤمروا بالوضوء لكونه معلومًا لهم، والفرق بين وجوب الغسل ومنع قضاء الصوم والصلاة من وجهين.
أحدهما: ما سبق أن الغسل مؤاخذة بما هو حاصل في الإسلام، وهو كونه جنبًا بخلاف الصلاة.
والثاني: أن الصلاة والصوم يكثران فيشق قضاؤهما، وينفر عن الإسلام، وأما الغسل فلا يلزمه إلا غسل واحد، ولو أجنب ألف مرة وأكثر، فلا مشقة فيه.