للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا: لا نسلم حكاية الإجماع بأن الطيب والاستنان ليسا واجبين، فالخلاف محفوظ فيهما، فأما الاستنان، فالقول بوجوبه ذهب إليه داوود الظاهري (١)، ونُسِبَ هذا القول إلى إسحاق بن راهوية (٢).

وقد استعرضت أدلة الأقوال في كتابي سنن الفطرة، وهو جزء من هذه السلسلة، والله الموفق.

وأما الطيب، فقد قال الحافظ ابن حجر: روى سفيان بن عيينة في جامعه عن

أبي هريرة أنه كان يوجب الطيب يوم الجمعة. وإسناده صحيح، وكذا قال بوجوبه بعض أهل الظاهر (٣).

وإن كنت أرجح أن الطيب والاستنان ليسا واجبين، وظاهر حديث أبي سعيد يفيد الوجوب في الجميع، لكن لا يمنع أن يقال: خرج الطيب والاستنان من القول بالوجوب بدليل آخر، وبقي غسل الجمعة على الوجوب، ولذلك روى البخاري عن عمرو بن سليم الأنصاري الراوي لحديث أبي سعيد قوله: أما الغسل فأشهد أنه واجب، وأما الاستنان والطيب فالله أعلم أواجب هو أم لا؟ ولكن هكذا في الحديث.

مما يدل على أن فهم السلف للوجوب على ظاهره، وهو الإلزام، ولذلك شهد


(١) المنتقى شرح الموطأ (١/ ١٣٠)، مواهب الجليل (١/ ٢٦٤)، المغني - لابن قدامة (١/ ٦٩) قال: «ولا نعلم أحدًا قال بوجوبه إلا إسحاق وداود».
وقال النووي في المجموع (١/ ٣٢٧): «السواك سنة، وليس بواجب. هذا مذهبنا، ومذهب العلماء كافة إلا ما حكى الشيخ أبو حامد، وأكثر أصحابنا عن داود، أنه أوجبه. وحكى صاحب الحاوي أن داود أوجبه، ولم يبطل الصلاة بتركه، . قال: وقال إسحاق بن راهويه: هو واجب، فإن تركه عمدًا بطلت صلاته. وهذا النقل عن إسحاق غير معروف، ولا يصح عنه، وقال القاضي أبو الطيب والعبدري: غلط الشيخ أبو حامد في حكايته وجوبه عن داود، بل مذهب داود أنه سنة؛ لأن أصحابنا نصوا أنه سنة، وأنكروا وجوبه، ولا يلزم من هذا الرد على
أبي حامد». اهـ
(٢) المجموع (١/ ٣٢٧)، المغني - لابن قدامة (١/ ٦٩).
(٣) الفتح تحت رقم (٨٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>