للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالغسل أمرًا مطلقًا (١)، فإن كان مقصود الحافظ بقوله: «خلافه» أنه يخالفه مخالفة معارضة، بحيث يلزم من قبول هذا طرح ذاك، فليس بصواب، فابن عباس ساق سبب وجوب الغسل، ثم روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالغسل أمرًا مطلقًا، وهما لا يتعارضان، خاصة فيما يتعلق بالمرفوع، أما فهم ابن عباس، بأن السبب إذا ارتفع ارتفع الحكم، فهذا فهم من عنده، موقوفًا عليه، والحجة في المرفوع خاصة، كما سيشير إليه الحافظ في الكلام التالي.

ثانيًا: قال الحافظ: «على تقدير الصحة، فالمرفوع منه ورد بصيغة الأمر الدالة على الوجوب، وأما نفي الوجوب فهو موقوف؛ لأنه من استنباط ابن عباس، وفيه نظر؛ إذ لا يلزم من زوال السبب زوال المسبب، كما في الرمل والجمار» (٢).

هذا فيما يتعلق بأهم الأدلة لكل فريق، وبعد استعراض الأدلة نجد أن الخلاف في المسألة قوي جدًّا، وأجد نفسي تميل إلى القول بالوجوب، لأنه ظاهر الأحاديث، والقائلون بالسنية يحتاجون إلى تأويل النصوص، وصرفها عن ظاهرها، لمعارض ليس من القوة بحيث نضطر إلى تأويل النصوص عن ظاهرها، والله أعلم، ومع القول بوجوب الغسل فإن من صلى بدون أن يغتسل فصلاته صحيحة، حتى ولو تركه بدون عذر؛ لأن الغسل واجب، وليس شرطًا في صحة الصلاة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن وجوب الغسل إنما كان من أجل النظافة وإزالة العرق، وليس عن حدث أو خبث، والله أعلم.

* * *


(١) روى البخاري في صحيحه (٨٨٤) من طريق طاوس، قال: قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رءوسكم، وإن لم تكونوا جنبًا، وأصيبوا من الطيب. قال ابن عباس: أما الغسل فنعم، وأما الطيب فلا أدري. ورواه مسلم أيضًا (٨٤٨).
(٢) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>