للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعليه فيكون معنى قوله: (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) أي: لا تقربوا مواضع الصلاة (١).

وقد تقدم أن هذا القول مروي عن ابن مسعود.

المعنى الثاني: أن معنى قوله: (وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ) أي: لا يقرب الصلاة الجنب إلا أن يكون مسافرًا فيتيمم ويصلي، وهذا التفسير هو الثابت عن ابن عباس وعلي رضي الله عنهم، وجماعة من التابعين.

(٧٨٧ - ١٠٧) فقد روى ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، ومحمد ابن المثني، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي مجلز،

عن ابن عباس في قوله: (وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ) [النساء: ٤٣]، قال: المسافر. وقال ابن المثنى: السفر (٢).

فهذا سند في غاية الصحة، ولا تضر عنعنة قتادة، وقد جاء حديثه من طريق شعبة (٣).


(١) انظر تفسير القرطبي (٥/ ١٠٠)، تفسير مجاهد (١/ ١٥٨)، زاد المسير (٢/ ٩٠)، فتح القدير (١/ ٤٦٩)، مشكل إعراب القرآن (١/ ١٩٨)، تفسير ابن كثير (١/ ٥٠٣) ورجح أن المراد بقوله: (إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ) أي المجتاز مرًا. قال ابن كثير: «لو كان معنيًا به المسافر لم يكن لإعادة ذكره في قوله: (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ) معنى مفهوم.
وفي أحكام القرآن للجصاص (٣/ ١٦٩) ورجح أن المراد به المسافر، قال: «وما روي عن علي وابن عباس في تأويله: أن المراد المسافر الذي لا يجد الماء فيتيمم أولى من تأويل من تأوله على الاجتياز في المسجد؛ وذلك لأن قوله تعالى: (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى) نهي عن فعل الصلاة في هذه الحال، لا عن المسجد؛ لأن ذلك حقيقة اللفظ، ومفهوم الخطاب، وحمله على المسجد عدول بالكلام عن حقيقته إلى المجاز: بأن تجعل الصلاة عبارة عن موضعها، كما يسمى الشيء باسم غيره للمجاورة، أو لأنه تسبب منه كقوله تعالى: (لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ) يعني به مواضع الصلاة، ومتى أمكننا استعمال اللفظ على حقيقته لم يجز صرف ذلك عن الحقيقة، وفي نسق التلاوة ما يدل على أن المراد حقيقة الصلاة وهو قوله تعالى: (حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ).
(٢) تفسير الطبري (٩٥٣٧).
(٣) انظر تخريجه في المجلد الثامن، رقم (١٨٢٩)، فأغنى عن إعادته هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>