(٢) قال ابن حجر في الفتح تحت رقم (٢٣٨): «قوله: (ثم يغتسلُ فيه) بضم اللام على المشهور». فيكون قوله (ثم يغتسل فيه): خرج مخرج التعليل، أي: لا تبل في هذا الماء الراكد؛ لأنه ليس من الحزم، ولا من المروءة أن تبول فيه، وأنت ستحتاجه عما قليل لغسل، أو وضوء أو غيره. فهو كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زمعة مرفوعًا: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم. رواه البخاري (٥٢٠٤). وفي رواية لمسلم (٢٨٥٥): إلام يجلد أحدكم امرأته جلد العبد -وفي رواية: الأمة- ولعلها يضاجعها من آخر يومه. وهذا الحديث لم يروه أحد بالجزم؛ لأن المراد النهي عن الضرب؛ لأنه يحتاج في مآل حاله إلى مضاجعتها، فتمتنع لإساءته إليها، فلا يحصل له مقصوده. وهناك طريق آخر عند أبي داود، قال فيه: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة) فيكون الحديث فيه النهي عن كل واحد منهما مستقلًا، والجمع بين النهي عن البول في الماء الدائم والنهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم، ولو لم يبل فيه جمع بينهما ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة. وليس النقاش في ثبوت النهي عن الاغتسال في الماء الدائم للجنب، وإنما جمع الحديثين في حديث واحد انفرد به ابن عجلان في سائر من روى الحديث، وانفراده يوجب ريبة أن الحديث بهذا اللفظ لم يثبت، وقد اختلف على ابن عجلان أيضًا في إسناده. كما روى الحديث جماعة عن أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما، لم يذكروا ما ذكره محمد بن عجلان، وقد خرجت الحديث في المجلد الأول في حكم الماء المستعمل في رفع الحدث، فانظره هناك، والله أعلم.