وبالتالي يقطع الباحث بعدم مشروعية التسمية، ولا حاجة لنا إلى الذهاب إلى القياس على الوضوء، لأمرين بل لثلاثة:
الأول: عدم ثبوت التسمية في الوضوء.
الثاني: أن الغسل كان يتكرر منه صلى الله عليه وسلم، كما كان يتكرر من صحابته رضوان الله عليهم، فكانت الأمة بحاجة إلى معرفة حكم التسمية في الغسل، فلما لم يأت ذكر للتسمية في أحاديث صفة الغسل من الجنابة، علم أنها ليست مشروعة.
الثالث: أن القياس في العبادات ضعيف إلا ما نص على علته، ولذلك سبق لنا قول القرافي:«يعسر الحصول على ضابط لما تشرع فيه التسمية وما لا تشرع».
وإذا كان لا يوجد ضابط كان القول بمشروعية التسمية في الغسل يحتاج إلى توقيف من الشارع، فالضابط المطرد: هو النص، فإذا لم نجد مثل ذلك لم نذهب ونتكلف بالقول بالقياس، وكيف نرد على من قال: إذا قلتم بالقياس، فقولوا بمشروعية التسمية في الصلاة والأذان بجامع أن كلًا منهما عبادة، فإذا منعتم القياس بهذه العبادات منعنا القياس على الوضوء، وهذا على التسليم في صحة التسمية في الوضوء، بل يمكن أن يعكس القياس، فيقال: لم يرد حديث صحيح ولا ضعيف في ثبوت التسمية في الغسل، أو في التيمم، وكلاهما طهارة من الحدث، فيقاس عليهم الوضوء بعدم مشروعية التسمية بجامع أن كلًا منهما طهارة من حدث، والله أعلم.
• الراجح من الخلاف.
القول بعدم مشروعية التسمية، هو القول الذي يتمشى مع الأدلة، والأصل عدم المشروعية حتى تثبت التسمية في حديث صحيح خال من النزاع، والله أعلم، وإن عدم ثبوت حديث صحيح أو ضعيف في مشروعية التسمية في الغسل يؤكد لك أخي القارئ عدم مشروعية التسمية في الطهارة الصغرى، والتي وردت فيها أحاديث لا تقوم فيها حجة، فإذا كان اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة لم نقف فيه على أثر مرفوع في