وقال في مسائل صالح (٤٣٧): «وسألت أبي عن فضل الجنب والحائض؟ فقال: إذا خلت به، فلا يعجبني، ولكن إذا كانا جميعًا فلا بأس به». اهـ فلما جعل الإمام أحمد اغتسالهما معًا في مقابل خلوتها به، دل على أن المقصود بالخلوة انفرادها باستعماله، وإن رآها أحد، ولذلك قال ابن قدامة في المغني (١/ ١٣٧): «وذهب بعض الأصحاب إلى أن الخلوة استعمالها للماء من غير مشاركة الرجل في استعماله؛ لأن أحمد قال: إذا خلت به فلا يعجبني أن يغتسل هو به، وإذا شرعًا فيه جميعًا فلا بأس به». ففهم بعض الأصحاب من كلام أحمد أن الخلوة: هي عدم المشاركة. (٢) قال أحمد كما في مسائل عبد الله (١/ ٢٢، ٢٣): «سمعت أبي يقول: لا بأس أن يتوضأ - يعني بفضل وضوء المرأة - وهو يراها، ما لم تخل به». اهـ فشرط هنا أن يراها، فيكون معنى الخلوة: هي عدم المشاهدة، ولذلك قال المرداوي في الإنصاف (١/ ٤٩): إن في معنى الخلوة روايتين: أحدهما: وهي المذهب أنها عدم المشاهدة عند استعمالها من حيث الجملة. والثانية: انفرادها بالاستعمال، سواء شوهدت أم لا، وتزول الخلوة بمشاركته لها في الاستعمال بلا نزاع». (٣) انظر في مذهب الحنفية: تبيين الحقائق (١/ ٣١)، شرح معاني الآثار (١/ ٢٦)، المبسوط (١/ ٦١، ٦٢)، حاشية ابن عابدين (١/ ١٣٣). وانظر في مذهب المالكية: الخرشي (١/ ٦٦)، مختصر خليل (ص: ٥)، بداية المجتهد (١/ ٢٩٤)، التاج والإكليل (١/ ٧٢)، المنتقى شرح الموطأ (١/ ٦٣)، أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٤٤٢)، الاستذكار (١/ ٣٧٢)، حاشية الدسوقي (١/ ٣٥). قال ابن عبد البر في التمهيد (١٤/ ١٦٥): «والذي ذهب إليه جمهور العلماء، وجماعة فقهاء الأمصار، أنه لا بأس أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة، وتتوضأ المرأة بفضله، انفردت بالإناء أو لم تنفرد، وفي مثل هذا آثار كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم صحاح، والذي يُذْهَب إليه أن الماء لا ينجسه شيء، إلا ما ظهر فيه من النجاسات، أو غلب عليه منها، فلا وجه للاشتغال بما لا يصح من الآثار والأقوال، والله المستعان». اهـ وانظر في مذهب الشافعية: الأم (١/ ٢١)، المجموع (٢/ ٢٢١)، طرح التثريب (٢/ ٣٩، ٤٠)، تحفة المحتاج (١/ ٧٧). وانظر رواية الإمام أحمد في المغني (١/ ١٣٦)، الاختيارات (ص: ٣).