للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالقياس الصحيح: هو الذي وردت به الشريعة، وهو الجمع بين المتماثلين، والفرق بين المختلفين:

فالأول: قياس الطرد.

والثاني: قياس العكس، وهو من العدل الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم.

فالقياس الصحيح مثل أن تكون العلة التي علق الحكم بها في الأصل موجودة في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمها، ومثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه قط، وكذلك القياس بإلغاء الفارق، وهو ألا يكون بين الصورتين فرق مؤثر في الشرع، فمثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه، وحيث جاءت الشريعة باختصاص بعض الأنواع بحكم يفارق به نظائره، فلا بد أن يختص ذلك النوع بوصف يوجب اختصاصه بالحكم، ويمنع مساواته لغيره، لكن الوصف الذي اختص به قد يظهر لبعض الناس، وقد لا يظهر، وليس من شرط القياس الصحيح المعتدل أن يعلم صحته كل أحد، فمن رأى شيئًا من الشريعة مخالفًا للقياس فإنما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه، وليس مخالفًا للقياس الصحيح الثابت في نفس الأمر (١).

«فليس في الشريعة ما يخالف قياسًا صحيحًا، لكن فيها ما يخالف القياس الفاسد، وإن كان من الناس من لا يعلم فساده» (٢).

والحديث إذا خالف أصلًا عند المخالفين، فإن هذا الحديث هو أصل بنفسه، كما أن غيره أصل، فلا تضرب الأصول بعضها ببعض، بل يجب اتباعها كلها، فإنها كلها من عند الله (٣).

وقال ابن تيمية: «وبالجملة فما عرفت حديثًا صحيحًا إلا ويمكن تخرجه على الأصول الثابتة، وقد تدبرت ما أمكنني من أدلة الشرع، فما رأيت قياسًا صحيحًا


(١) انظر مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٠/ ٥٠٤).
(٢) المرجع السابق.
(٣) انظر مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>