للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عدم الماء، أو العجز عن استعماله، فلا يلحق بالرخص، وبعض العلماء لا يرى مانعًا من إلحاقه بالرخص وإن كان واجبًا؛ لأن الرخصة عنده تنقسم إلى واجب ومندوب ومباح (١).

فإن قيل: كيف يكون الشيء واجبًا، ويكون رخصة؟

قيل: أكل الميتة للمضطر واجب لإنقاذ نفسه من الهلكة، فهو من حيث وجوب الأكل عزيمة، ومن حيث إسقاط العقاب والعفو عن الفعل هو رخصة (٢).

ومثله دفع الغصة بالخمر إذا خاف على نفسه، فهو واجب، ورخصة أيضًا (٣).

وذكر بعضهم ثمرة الخلاف في هذه المسألة، في تيمم العاصي بسفره، فعلى أنه عزيمة، يتيمم، ولو كان عاصيًا، وعلى أنه رخصة، لا يتيمم (٤).


(١) البحر المحيط (٢/ ٣٤)، ومواهب الجليل (١/ ٣٢٦) الأشباه والنظائر (ص: ٨٢).
(٢) اختلف العلماء في أكل الميتة للمضطر:
فمنهم من يرى أن أكل الميتة عزيمة لا رخصة؛ لوجوب الأكل؛ وذلك لأنه سبب لإحياء النفس، وما كان كذلك فهو واجب، ولقوله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة: ١٩٥] اختاره من الشافعية إلكيا الهراسي.
ومنهم من يرى أن أكل الميتة من الرخص الواجبة، وهذا مذهب الشافعية، انظر المجموع (٤/ ٢٢٠)، والبحر المحيط (٢/ ٣٤)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٨٢)، شرح الكوكب المنير (ص: ١٥٠).
ومنهم من يرى أن أكل الميتة للمضطر جائز، وليس بواجب، بناء على أن القول بالوجوب يتنافى مع الترخيص، فلا يأثم بالامتناع عن أكلها، مثله مثل لو أخذ بالعزيمة، وامتنع عن قول كلمة الكفر
وإذا أكل، فقيل: ترتفع الحرمة في هذه الحال، فيصير أكلها مباحًا.
وقيل: يبقى التحريم، ويرتفع الإثم فقط، لقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة: ١٧٣] فنفى الإثم فقط، وإلى هذا ذهب أبو يوسف من الحنفية، انظر التقرير والتحرير (٢/ ١٥١)، والموسوعة الكويتية (٢٢/ ١٥٥).
(٣) انظر المستصفى للغزالي (ص: ٧٩).
(٤) مواهب الجليل (١/ ٣٢٦)، وانظر الفتاوى الفقهية الكبرى للرملي (١/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>