للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحضر، ولا فرق.

ثالثًا: التكليف بالإعادة لا بد له من دليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يقم دليل في تكليف المسلم بالإعادة، ولم يوجب الله فرض الظهر مرتين، فمن أوجب عليه الإعادة فقد أوجب عليه الفرض الواحد مرتين، وهذا خلاف المشروع.

رابعًا: أن الذي أميل إليه أن الإنسان إذا اجتهد وأخطأ، وامتثل الأمر معتقدًا أن هذا هو الواجب عليه، ثم تبين له أنه أخطأ لم يكلف الإعادة، فما بالك بمن نأمره أن يتيمم، ثم نطلب منه أن يعيد، فإن كان التيمم لا يسقط عنه الواجب فلماذا نأمره به، وإذا كان التيمم يقوم مقام الماء عند فقده فلماذا نأمره بالإعادة.

فهذه المرأة التي كانت تستحاض، وكانت تعتقد أن ذلك حيض، وكانت تمتنع عن الصلاة والصيام قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي (١)، ولم يأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلوات التي تركت ظنًا منها أنه دم حيض.

وهذا الرجل المسيء في صلاته مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل (٢)، لم يطلب منه إعادة الصلوات السابقة، مع أنه نفى عنه فعل الصلاة، وكلفه بإعادة الصلاة القائمة فقط، إما لأن الوقت ما زال قائمًا، أو لأجل أن تشتد حاجته لمعرفة الصواب، ولذلك اغتفر تكراره مع الإساءة للصلاة لمصلحة التعليم، وإلا فالإنسان الذي لا يعلم أن يصلي قد لا يجوز أن نجعله يعبث في الصلاة على غير هدى، ونطلب منه أكثر من مرة أن يعيد الصلاة، وهو لا يحسن.

وهذا عمار تمرغ كما تتمرغ الدابة، وصلى، ظنا منه رضي الله عنه أن هذه هي الصفة المطلوبة في تيمم الجنب، ولم يفعل الصفة المشروعة، ولم يكلفه الرسول صلى الله عليه وسلم


(١) البخاري (٢٢٨)، ومسلم (٣٣٣).
(٢) صحيح البخاري (٧٥٧)، ومسلم (٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>