للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيما علمت أن التيمم بالصعيد عند عدم الماء طهور كل مريض أو مسافر ... » (١).

وقال القاضي ابن رشد: «أمر الله سبحانه وتعالى المسافر والمريض بالتيمم للصلاة عند عدم الماء، وأجمع أهل العلم على وجوب التيمم عليهما» (٢).

وحكاية الإجماع مع خلاف الحسن وعطاء فيه نظر، إلا أن ذلك مشروط بصحة نسبة هذا القول عنهما، إلا أن يقال: قد انعقد الإجماع بعدهما، فيمن يجوز الإجماع اللاحق ويمحي به الخلاف السابق، والله أعلم.

وقد شكك في صحة هذا القول عنهما ابن رجب في شرحه للبخاري، فقال: «وهذا بعيد الصحة عنهما» (٣).

ولم أقف على إسناد عنهما لأنظر في صحته، وإنما حكاه عنهم جماعة من أهل العلم منهم ابن المنذر والنووي وابن عبد البر وابن قدامة وابن حزم وغيرهم، وسبق العزو إليهم (٤).


(١) الاستذكار (٢/ ٣)، التمهيد (١٩/ ٢٧٠).
(٢) مقدمات ابن رشد (١/ ١١١).
(٣) شرح ابن رجب للبخاري (٢/ ٢٠٤).
(٤) فإن كان أخذ هذا القول عن الحسن لما رواه ابن أبي شيبة (١/ ١٦١) حدثنا حفص، عن أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، سئل عن الرجل اغتسل بالثلج، فأصابه البرد، فمات، فقال: يا لها من شهادة. إسناده صحيح.
فالظاهر أنهم أخذوا مذهب الحسن من هذا النص؛ لأن ابن قدامة قال في المغني (١/ ١٦١): ونحوه أي: نحو قول عطاء، عن الحسن في المجدور الجنب قال: لا بد من الغسل.
فإن كان ابن قدامة أخذ هذا من قول الحسن في الرجل يغتسل في الثلج فيموت، فاعتبر ذلك شهادة، ففيه ما فيه؛ لأن هذا إنما هو في اغتسال الصحيح، وليس في اغتسال المريض، وقد يغتسل الصحيح بالماء البارد فيمرض، وقد يغتسل ولا يحصل له شيء، فمن أين لنا أن هذا الرجل كان مريضًا، أو كان صحيحًا قد غلب على ظنه أنه لو استعمل الماء لخاف زيادة المرض، وأما ثناء الحسن على فعله، فكل ما يصيب الإنسان من نصب من جراء قيامه بالطاعات فهو له فيها أجر، على أن لا يتقصد العمل الشاق، إذا كان يمكنه أن يقوم بالعمل دون كلفة أو مشقة؛ لأن مقصود الشارع هو القيام بالعمل، وليس المقصود طلب المشقة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>