للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وأما وجه التفريق بين طهارة الماء وطهارة التراب:

ذكروا وجوهًا منها:

الوجه الأول:

أن التيمم في اللغة: القصد، وذلك يدل على اشتراط النية فيه، بخلاف الوضوء والغسل، فإن النية قدر زائد على مرور الماء على الأعضاء المغسولة، فإذا جرى الماء على أعضاء الوضوء، أو عم الماء جميع البدن فيصدق عليه أنه امتثل الأمر الشرعي بقوله: (فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ) [المائدة: ٦].

وقوله: (وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء: ٤٣].

فهذا الأمر تحصيله لا يتوقف على النية.

الوجه الثاني: الماء مطهر بنفسه، فلم يفتقر إلى قصد فإذا وجدت النظافة به على أي وجه كان فقد حصل المقصود، بخلاف التراب فإنه ملوث، وإنما جعل طهارة عند الحاجة، والحاجة إنما تعرف بالنية.

ويُجاب عن هذا بجوابين:

الجواب الأول: أن يقال: وكذلك التراب ملوث بنفسه، فلم يفتقر إلى قصد فإذا وجد التلوث به على أي وجه كان فقد حصل المقصود.

الجواب الثاني: لا نسلم أن التراب غير مطهر، فإنه قد ثبت أنه مطهر للحدث والخبث معًا،

فالدليل على أنه مطهر من الأحداث قوله تعالى بعد ذكره للتيمم: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) [المائدة: ٦].

فنص على أن الغاية من مشروعية التيمم إرادة التطهير مع نفي الحرج عن هذه الأمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>