للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسلمًا، في ذلك خلاف بين أهل العلم،

فقيل: الطهارة كلها من وضوء أو تيمم، بل وكل العبادات لا يصح فعلها من الكافر، وهو مذهب الجمهور (١).

وقيل: يصح الوضوء من الكافر ولا يصح منه التيمم، وبه قال أبو حنيفة ومحمد ابن الحسن (٢).

وقال أبو يوسف: إذا تيمم بنية الإسلام أو الطهر فهو صحيح، وإذا أسلم فله أن يصلي به، وإن تيمم بنية الصلاة لم يصح (٣).

أما الخلاف في صحة الوضوء فقد سبق تحريره في كتاب الوضوء.

وأما سبب الخلاف في التيمم فيرجع إلى الكلام على اشتراط النية فيه، فمن ذهب إلى وجوب النية في التيمم اشترط أن يكون المتيمم مسلمًا؛ لأن الكافر ليس من أهل النية، فكل عمل يفتقر إلى نية لا يصح فعله من الكافر؛ لأن النية تصير الفعل منتهضًا مسببًا للثواب، ولذلك لما كان أبو حنيفة رحمه الله يرى صحة الوضوء بلا نية صحح الوضوء من الكافر، ولم يصحح تيممه لاشتراطه النية عنده في التيمم، وأما الجمهور الذين يذهبون إلى أن النية شرط في الوضوء والتيمم والغسل يذهبون إلى أن الإسلام شرط في صحة هذه الأفعال، فلا يصح فعلها من الكافر، وهو الصحيح.

وسبب تفريق أبي يوسف بأنه إن نوى الكافر بتيممه الإسلام صح، فإذا أسلم بعد صلى بتيممه، وإن نوى به الصلاة لم يصح؛ لأن الكافر من أهل نية الإسلام، والإسلام رأس العبادة، فيصح تيممه بخلاف ما إذا تيمم للصلاة، فإنه ليس من أهل


(١) انظر حاشية الصاوي على الشرح الصغير (١/ ١٣٢)، الفواكه الدواني (١/ ١٣٥)، نهاية المحتاج (١/ ١٥٤)، المجموع (٢/ ٣٧٢)، الأشباه والنظائر (١/ ٤٢٩)، المقدمة الحضرمية (ص: ٣٣)، المنهج القويم (ص: ٥١)، كشاف القناع (١/ ٨٥).
(٢) المبسوط (١/ ١١٦)، البحر الرائق (١/ ١٥٩)،
(٣) المبسوط (١/ ١١٦)، البحر الرائق (١/ ١٥٩)، بدائع الصنائع (١/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>