للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن عباس رضي الله عنهما، وهو الموافق لبلاغة القرآن، فالآية نص في تيمم الجنب، وتوجيه الآية: أن الله سبحانه وتعالى ذكر طهارتين: الماء والتيمم، وذكر في وجوب طهارة الماء سببين: الحدث الأصغر والأكبر، فالأصغر في قوله تعالى: (فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) والحدث الأكبر بقوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا).

وفي طهارة التيمم كذلك: ذكر حدثين: الأصغر والأكبر، فالأصغر بقوله تعالى: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ) والأكبر بقوله تعالى: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) أي جامعتم النساء، ولو حمل على اللمس باليد لكان المعنى تكرار الحدث الأصغر، وإهمال الحدث الأكبر في طهارة التيمم، وهذا مناف للبلاغة المعهودة من كتاب الله سبحانه وتعالى، فكان مقتضى التقسيم في طهارة الماء من ذكر الحدث الأصغر والأكبر، أن يعاد التقسيم نفسه في طهارة التيمم، لا أن يكرر الحدث الأصغر، ويهمل الحدث الأكبر، وهذه القرينة كافية في حمل اللمس على الجماع في الآية الكريمة، وقد فسرها ابن عباس بالجماع، وهو ترجمان القرآن،

(٩٩٥ - ٧٢) فقد روى ابن أبي شيبة، من طريق عبد الملك بن ميسرة، عن سعيد ابن جبير، قال:

اختلفت أنا وأناس من العرب في اللمس، فقلت: أنا وأناس من الموالي: اللمس ما دون الجماع، وقالت العرب: هو الجماع، فأتينا ابن عباس، فقال: غلبت العرب، هو الجماع.

[صحيح] (١).

وقد احتج أبو موسى رضي الله عنه بآية المائدة على مشروعية التيمم عن الجنابة، وذلك حين ناظر ابن مسعود، وانقطع ابن مسعود عن الجواب عن الآية، واعتذر بذلك بأنه قال بالمنع سدًا للذريعة:


(١) المصنف (١/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>