(٢) اختلف فيه على أبي صالح كاتب الليث: فرواه محمد بن إسحاق الصغاني، وهو ثقة ثبت، عن أبي صالح به بذكر الذراعين. ورواه ابن الجارود في المنتقى (١٢٧) حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو صالح به، وليس فيه مسح الذراعين، وهو المحفوظ؛ لأنه موافق للفظ البخاري ومسلم. فقد رواه البخاري من طريق يحيى بن بكير، حدثنا الليث به، وفيه: فسلم عليه، فلم يرد عليه السلام حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه. ولم يقل: ذراعيه. وذكره مسلمًا تعليقًا في صحيحه (٣٦٩) قال مسلم: وروى الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، فذكر إسناد البخاري ولفظه. ورواه أبو داود (٣٢٩) وابن خزيمة (٢٧٤) من طريق شعيب بن الليث، عن أبيه به، بلفظ البخاري. قال ابن الجوزي في التحقيق مع التنقيح (١/ ٥٦٧): «وقد روي من حديث كاتب الليث، وهو مطعون فيه». قلت: والذي يجعلنا نجعل الوهم من أبي صالح؛ لأن من روى عنه محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن إسحاق كلاهما أوثق من أبي صالح، فكان الحمل عليه. ورواه الدارقطني (١/ ١٧٧) من طريق أبي معاذ، أخبرنا أبو عصمة، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جهيم، قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر جمل، إما من غائط أو من بول، فسلمت عليه، فلم يرد علي السلام، فضرب الحائط بيده ضربة، فمسح بها وجهه، ثم ضرب أخرى، فمسح بها ذراعيه إلى المرفقين، ثم رد السلام. قال الدارقطني: قال أبو معاذ: وحدثني خارجة، عن عبد الله بن عطاء، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جهيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. قال ابن الجوزي في التحقيق (١/ ٥٦٧) «وأما حديث أبي جهم فإن أبا عصمة وخارجه متكلم فيهما». قال ابن عبد الهادي في التنقيح (١/ ٥٦٩): «أبو عصمة في حديث أبي جهيم: هو نوح بن أبي مريم متروك، وخارجه هو ابن مصعب، وقد ضعفوه، وقال محمد بن سعد: تركوه، والأعرج لم يسمع الحديث من أبي جهيم، بل بينهم عمير مولى ابن عباس كما تقدم». ورواه الشافعي في الأم (١/ ٥١) عن إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث، عن الأعرج، عن ابن الصمة، قال: مررت على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يبول، فسلمت عليه، فلم يرد علي حتى قام إلى جدار، فحته بعصا كانت معه، ثم مسح يديه على الجدار، فمسح وجهه وذراعيه، ثم رد علي. ورواه البيهقي (١/ ٢٠٥) من طريق الشافعي به. قال البيهقي: هذا منقطع: عبد الرحمن الأعرج لم يسمعه من ابن الصمة، إنما سمعه من عمير مولى ابن عباس، عن ابن الصمة ... إلخ كلامه. ونقل ابن دقيق العيد في كتاب الإمام (٢/ ١٥٥) كلام البيهقي، وقال: «قال الأثرم: وأما حديث أبي جهم، فإنما هو حديث إبراهيم بن أبي يحيى، وهو متروك». فالمحفوظ من حديث أبي جهم أنه ليس فيه ذكر للذراعين، وإنما المعروف من حديثه أنه مسح وجهه ويديه، والله أعلم.