للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد حاول بعض العلماء الإجابة عنه، على احتمال ثبوته بأجوبة منها:

الأول: أن يكون ذلك في أول الأمر، ثم نسخ.

ذكر الشافعي رحمه الله تعالى وأبو بكر الأثرم وغيرهما من العلماء: أن التيمم إلى الآباط إن كان وقع ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكل تيمم صح للنبي صلى الله عليه وسلم بعده، فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به. اهـ

ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد (١).

الثاني: أن يكون ذلك وقع من الصحابة على وجه الاجتهاد قبل معرفتهم للصفة المشروعة من النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن عبد البر: «يحتمل أن يكون من تيمم عند نزول الآية إلى المناكب أخذ بظاهر الكلام، وما تقتضيه اللغة من عموم لفظ الأيدي، ثم أحكمت الأمور بعدُ بفعل النبي عليه السلام، وأمره بالتيمم إلى المرفقين» (٢).

وقال ابن الجوزي: «وحديث عمار: (تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب والآباط) ليس هو بمخالف لحديث الوجه والكفين؛ لأن عمارًا لم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالوجه والكفين، والدليل على ذلك ما أفتى به عمار بعد النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم، أنه قال: الوجه والكفين. ففي هذا دلالة أنه انتهى إلى ما عَلَّمه النبي صلى الله عليه وسلم» (٣).

وقال ابن رجب: «وعلى تقدير صحته، ففي الجواب عنه وجهان:

أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم أصحابه التيمم على هذه الصفة، وإنما فعلوه


(١) الفتح تحت حديث رقم (٣٣٩)، شرح ابن رجب للبخاري (٢/ ٢٥٣).
(٢) الاستذكار (٣/ ١٦٦).
(٣) تنقيح التحقيق (١/ ٥٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>