وقال ابن قدامة في المغني (١/ ٧٣): «ظاهر مذهب أحمد رضي الله عنه أن التسمية مسنونة في طهارة الأحداث كلها، رواه عنه جماعة من أصحابه، وقال الخلال: الذي استقرت الروايات عنه: أنه لا بأس به، يعني: إذا ترك التسمية». اهـ فقوله: في طهارة الأحداث كلها، يدخل فيه الوضوء والغسل والتيمم. (٢) قال ابن قدامة في المغني (١/ ٧٢): «التسمية في الوضوء غير واجبة في الصحيح»، ثم قال أيضًا (١/ ١٦٠): «والحكم في التسمية -يعني في التيمم- كالحكم في الوضوء». (٣) المدخل لابن الحاج (١/ ١٧٧). (٤) يقول البقوري في كتابه ترتيب الفروق واختصارها (١/ ٣٦٨): «أفعال العباد إما قربات، وإما محرمات، وإما مكروهات، وإما مباحات: فالمباحات: جاءت البسملة في بعضها، كالأكل والشرب والجماع، والحث على ذلك في بعضها آكد من بعض، ولم يأت (أي الحث) في كل شيء من المباح، وأما لم يأت فيه فحسن للإنسان أن يستعمله ليجد بركة ذلك. وأما المحرمات والمكروهات فيكره له التسمية عند الشروع فيها، من حيث قصد البركة بها، وذلك لا يراد في الحرام والمكروه، بل المراد من الشرع عدمه وتركه. وأما القربات فقد جاء في بعضها وأكد فيه كالذبح، وجاء عند قراءة القرآن، واختلف فيه في بعضها، كالغسل والوضوء والتيمم .... ». إلخ كلامه رحمه الله تعالى. فعلم من كلامه هذا أن التسمية مختلف في مشروعيتها في الغسل والوضوء والتيمم، وهو ما أريد أن يطلع عليه القارئ ليعلم أن إنكار التسمية في الوضوء والغسل والتيمم كان ثابتًا من لدن السلف. وجاء في حاشية العدوي (١/ ١٨٢): «ولم ير بعض العلماء القول بالبداءة بالتسمية من الأمر المعروف عند السلف، بل رآه من الأمر المنكر. وقد نقل عن مالك ثلاث روايات: إحداها، وبها قال ابن حبيب: الاستحباب. ... الثانية: الإنكار، وقال: أهو يذبح؟ الثالثة: التخيير. اهـ بتصرف يسير. وفي الذخيرة (١/ ٢٨٤): «قال صاحب الطراز: استحسنها مالك رحمه الله، وأنكرها مرة، وقال: أهو يذبح؟ ما علمت أحدًا يفعل ذلك، ونقل ابن شاس عنه التخيير، وعن ابن زياد الكراهة ... ». وفي النوادر والزيادات (١/ ٢٠): «قال علي: قال مالك: ما أعرف التسمية في الوضوء، وأنكرها، واستحب ذلك علي بن زياد ... ». وإذا أنكرت التسمية في طهارة الوضوء كان إنكارها لسائر الطهارات من باب أولى؛ لأن الآثار الضعيفة في استحبابها إنما وردت في الوضوء، ولم ترد التسمية في الغسل، أو في التيمم لا في حديث صحيح ولا في حديث ضعيف، وإنما من استحبها أو أوجبها في سائر الأحداث إنما كان ذلك قياسًا على الوضوء، فإذا سقطت في الوضوء، سقطت مشروعيتها في سائر الطهارة، وانظر التاج والإكليل (١/ ٢٦٦)، الثمر الداني شرح رسالة القيرواني (ص: ٤٥). واعتبر ابن ناجي التسمية في الطهارة من الأمر المنكر، انظر تنوير المقالة شرح ألفاظ الرسالة (١/ ٤٧٨).