للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا وقعت نجاسة في الماء ولم تغيره لم ينجس على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهذا دليل على أن الأمر بغسلها إنما هو للتعبد.

ثانيًا: غسل النجاسة معقول المعنى، والمطلوب غسلها حتى تذهب عينها، فإذا ذهبت ذهب حكمها، فلم اعتبر العدد في غسل نجاسة الكلب دل على أن الغسل للتعبد، لأن دم الحيض وهو مجمع على نجاسته قد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بغسله بدون عدد كما في حديث أسماء المتفق عليه.

ثالثًا: استعمال التراب مع الماء على خلاف القياس في سائر النجاسات، كل هذا يدل على أن الأمر بغسلها إنما هو تعبدي.

رابعًا: أن قوله: «طهور إناء أحدكم» لا يدل على أن الإناء تنجس، قال ابن العربي:

فإن قيل: «روي عن النبي صلى الله عليه وسلم طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعًا، والطهارة تقابل النجاسة، قلنا: لا يصح ما ذكرتم، بل يرد على المحل النجس وعلى الطاهر، قال الله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) [النساء: ٤٣]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) (١).

وليس هناك نجاسة، وقال في السواك في الفم: (السواك مطهرة للفم) وقال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) [التوبة: ١٠٣]، وحقيقة المسألة أن لفظ النجاسة يقتضي الطهارة، وأما لفظ الطهارة فلا يقتضي النجاسة (٢).

• وأجيب:

أولًا: أن قوله «طهور إناء أحدكم» دليل على ثبوت النجاسة؛ إذ الطاهر ليس بحاجة إلى تطهير.

ثانيًا: أن قوله: «فليرقه» دليل على أن الماء تنجس، وإلا لما أمر بإفساد الماء وإراقته،


(١) مسلم (٢٢٤).
(٢) عارضة الأحوذي (١/ ١٣٤، ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>