للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن المنذر في الأوسط للتدليل على هذه القاعدة: «ونظير ذلك قوله تعالى (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) [البقرة: ٢٣٨]، فأمر بالمحافظة على الصلوات، والصلوات داخلة في جملة قوله: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) [البقرة: ٢٣٨]، ثم خص الوسطى بالأمر بالمحافظة عليها، فقال: (والصَّلاةِ الْوُسْطَى) [البقرة: ٢٣٨]، فلم تكن خصوصية الوسطى بالأمر بالمحافظة عليها مخرجًا سائر الصلوات من الأمر العام الذي أمر بالمحافظة على الصلوات». اهـ (١).

فكأن ابن المنذر يقول مفهوم (والصَّلاةِ الْوُسْطَى) [البقرة: ٢٣٨] الآية، لم يؤخذ ويعارض به منطوق حافظوا على الصلوات.

أو نقول بتعبير آخر: إذا ذكر عموم، ثم ذكر فرد من أفراد العموم يوافق العموم في الحكم، فإن هذا الفرد لا يعتبر مخصصًا ولا مقيدًا للعموم.

مثال ذلك: إذا قلنا: أكرم طلبة العلم، فهذا لفظ يفيد عموم الطلبة، ثم قلنا: أكرم زيدًا، وكان زيد من طلبة العلم، فإنه لا يفهم منه تخصيص الإكرام لزيد وحده.

فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) هذا عام يشمل القليل والكثير، ثم أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بحديث القلتين، أن الماء الكثير لا ينجس، فهو فرد من أفراد قوله صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شيء) فلا يقتضي تخصيصه ولا تقييده.

الوجه الثاني:

أن يقال إن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يعطي حكمًا أغلبيًا وليس حكمًا مطردًا. فالرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن عمر: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) هل معنى ذلك أنه لا ينجس أبدًا؟

الجواب: لا؛ إذ لو تغير بالنجاسة لنجس إجماعًا، ولكن معنى لم يحمل الخبث: أي غالبًا لا يتغير بالنجاسة.


(١) الأوسط (١/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>