للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث ابن عباس في مسلم في قصة الرجل الذي أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريمها، فأراقها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ذهب ما فيها. وسبق ذكره بتمامه.

وجه الاستدلال:

لو كان الصحابة يعتقدون نجاستها لتحروا لإراقتها أماكن النجاسات، ولنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إراقتها في الشوارع كما نهاهم عن التخلي في الطريق والظل.

(١١٨٧ - ١٥٨) فقد روى مسلم من طريق العلاء، عن أبيه،

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا اللعانين قالوا وما اللعانان يا رسول الله قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم (١).

• وأجيب عن هذا الاستدلال:

قال القرطبي: «إن الصحابة أراقوا هذا؛ لأنه لم يكن لهم سروب ولا آبار يريقونها فيها، إذ الغالب من أحوالهم أنهم لم يكن لهم كنف في بيوتهم، وقالت عائشة رضي الله عنها إنهم كانوا يتقذرون من اتخاذ الكنف في البيوت،

ونقلها إلى خارج المدينة فيه كلفة ومشقة ويلزم منه تأخير ما وجب على الفور، وأيضًا فإنه يمكن التحرز منها، فإن طرق المدينة واسعة، ولم يكن الخمر من الكثرة بحيث تصير نهرًا يعم الطرق كلها، وإنما جرت في مواضع يسيرة يمكن التحرز عنها، هذا مع ما يحصل في ذلك من فائدة شهرة إراقتها في طرق المدينة ليشيع العمل على مقتضى تحريمها من إتلافها، وأنه لا ينتفع بها، وتتابع الناس وتوافقوا على ذلك، والله أعلم» (٢).


(١) صحيح مسلم (٢٦٩).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>