وخالفه محمد بن إسحاق فرواه الدارمي (٧٢٨)، والبيهقي في المعرفة (١/ ٢٢٧) من طريق محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الجلاح، عن عبد الله بن سعيد، عن المغيرة، عن أبيه عن أبي هريرة. وهذا الإسناد فيه مخالفتان: الأولى: قوله: (عبد الله بن سعيد) والصواب: سعيد بن سلمة. الثانية: قوله: (عن أبيه) ولم يقل أحد: عن أبيه إلا ابن إسحاق. قال ابن حبان في كتاب الثقات (٥/ ٤١٠): «من أدخل بينه وبين أبي هريرة أباه فقد وهم». والظاهر أن هذا من محمد بن إسحاق حيث لم يحفظ الحديث، فقد جاء الحديث عند البخاري في تاريخه الكبير (٣/ ٤٧٨) من طريق محمد بن سلمة. وأخرجه أيضًا (٣/ ٤٧٩) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، كلاهما عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن جلاح، عن عبدالله بن سعيد المخزومى، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة. فهذا ابن إسحاق من طريقين عنه لم يذكر والد المغيرة. وأخرجه البخارى أيضًا، قال: قال سلمة يعني: ابن الفضل الأبرش، قال: حدثنا ابن إسحاق، عن يزيد، عن اللجلاج -والصواب عن الجلاح، كما نقله عنه البيهقى فى المعرفة (١/ ٢٢٧) - عن سلمة بن سعيد -والصواب سعيد بن سلمة- عن المغيرة بن أبي بردة حليف بني عبد الدار، عن أبي هريرة. وهذا هو الصواب من رواية محمد بن إسحاق، وهي موافقة لرواية مالك. فأنت ترى أن محمد بن إسحاق تارة يذكر والد المغيرة، وتارة يسقطه، وتارة يذكر سعيد بن سلمة وتارة يسقطه، ويذكر بدلًا منه عبد الله بن سعيد، فهذا الاضطراب يسقط رواية محمد بن إسحاق؛ لأنه لم يحفظ الحديث، ولكن لا ينبغى أن تعل به رواية الإمام مالك عن صفوان، فقد أقام الإمام مالك إسناده، كيف وقد وافقه محمد بن إسحاق من رواية سلمة بن الفضل، والله أعلم. قال البيهقي: قال البخاري: وحديث مالك أصح، واللجلاج خطأ. اهـ ولعل الصواب (والجلاح). قال البيهقي في معرفة السنن (١/ ٢٢٦): «الليث بن سعد أحفظ من ابن إسحاق، وقد أقام إسناده عن يزيد بن أبي حبيب، وتابعه على ذلك عمرو بن الحارث، عن الجلاح، فهو أولى أن يكون صحيحًا». اهـ وقال الدارقطني في العلل (٩/ ١٠): «ورواه عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، فقال: عن أبي الجلاح، عن أبي ذر المصري، عن أبي هريرة، ولم يذكر سعيدًا، ولا المغيرة». اهـ =