للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقوله: (يغسل ذكره): حقيقة في جميع الذكر، فهو مفرد مضاف، فيعم جميع الذكر.

ومن قال: يغسل موضع الحشفة: قالوا: إن من غسل مخرج المذي من الذكر فقد غسل ذكره، فإيجاب غسل الذكر كله لا دليل عليه من الشرع.

وقد صح عن ابن عباس أنه يقول: تارة: (يغسل ذكره) وتارة يقول: (يغسل حشفته) فدل على أن مراده بقوله: (اغسل ذكرك) أي الحشفة، وفهم الصحابي أولى من فهم غيره؛ لأنه عربي قح لم تدخل لسانه العجمة، وهو ممن روى عن علي حديث غسل الذكر من المذي، فلو كان يقتضي ذلك غسل الذكر كله لكان ابن عباس أولى بفهم ذلك من غيره.

وقياسًا على البول فإن الإنسان لا يغسل فيه الذكر كله.

ومن رأى أن الاستجمار لا يكفي استدل بقوله في الحديث: (يغسل ذكره) فهذا دليل على أن الاستجمار لا يكفي، قال ابن عبد البر: وليس في أحاديث المذي على كثرتها ذكر الاستجمار (١).

وأما من قال: يغسل أنثييه: فاستدل بحديث علي، ففي رواية منه، قال: يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ (٢).

وهذه الزيادة لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ضعفها أحمد في سؤالات أبي داود (٣).

وأما من قال: إن الاستجمار يكفي، فقد قاسه على البول:

وقد عرضت أدلة كل قول، والجواب عنها، فأغنى عن إعادته هنا (٤).

* * *


(١) شرح الزرقاني (١/ ١٢٥)، التمهيد (٢١/ ٢٠٥).
(٢) المسند (١/ ١٢٤).
(٣) جاء في مسائل أحمد لأبي داود (١٠٦): «قلت لأحمد: إذا أمذى يجب عليه غسل أنثييه؟ قال: ما قال غسل الأنثيين إلا هشام بن عروة - يعني: في حديث علي، فأما الأحاديث كلها فليس فيها ذا».اهـ
(٤) راجعها في آداب الخلاء، من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>