للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعفى عنه، ولا بد من غسله (١).

وهل الدلك في هذه الحالة مطهر أو يقال: إنه معفو عنه للمشقة، رجح ابن جزي الأول، ورجح خليل في مختصره وشراحه الثاني (٢).

القول الثالث: مذهب الشافعية:

يجب غسل ذيل المرأة وأسفل الخف مطلقًا، وهو قول الشافعي في الجديد (٣)،


(١) قال في مواهب الجليل (١/ ١٥٢): إذا كانت النجاسة يابسة فمعفو عن الذيل الواصل إليها، وفي الرطبة قولان: المشهور لا يعفى، والثاني: أنه يعفى.
وقال في (١/ ١٥٣): ويعفى عن أثر ما يصيب الخف، وعما يصيب النعل من أرواث الدواب وأبوالها، ولو كانت رطبة، كما قاله في المدونة، بشرط أن يدلك ذلك، فإذا دلكه جاز جاز له أن يصلي بذلك الخف والنعل، والعلة في ذلك المشقة، وهو الذي ارتضاه ابن الحاجب.
وبعضهم ساوى بين الذيل والخف، فقال يعفى عنهما ولو كانت النجاسة رطبة، وخرج حكم ذيل المرأة على كلام مالك في الخف.
قال في مواهب الجليل (١/ ١٥٢): الأشبه أن ذلك فيما لا تنفك منه الطرقات من أرواث الدواب وأبوالها، وإن كانت رطبة، فإن ذلك لا ينجس ذيلها للضرورة، كما قال مالك في الخف. قال سند: ولعمري إن تخريج ذلك على الخف حسن؛ لأن غسل الثوب كل وقت فيه حرج ومشقة، ربما كانت فوق مشقة غسل الخف، فإن الخف يغسله وينزعه وينشف، والثوب إن تركه عليه مبلولًا فمشقة إلى مشقة، وإن نزعه فليس كل أحد يجد ثوبًا آخر يلبسه. قال الحطاب تعليقًا: وما قالاه ظاهر، لكنه خلاف مذهب المدونة.
وقال في حاشية الدسوقي (١/ ٧٥): وحاصله أن الخف إذا أصابه شيء من النجاسات غير أرواث الدواب وأبوالها كخرء الكلاب أو فضلة الآدمي أو أصابه دم فإنه لا يعفى عنه كما مر، ولا بد من غسله. اهـ
(٢) القوانين الفقهية (ص: ٢٨)، وانظر حاشية الدسوقي (١/ ٧٤)، مواهب الجليل (١/ ١٥٢، ١٥٣).
(٣) قال الشيرازي في المهذب المطبوع مع المجموع (٢/ ٦١٩): فإن أصاب أسفل الخف نجاسة فدلكه على الأرض نظرت، فإن كانت نجاسة رطبة لم يجزه، وإن كانت يابسة فقولان: قال في الجديد: لا يجوز حتى يغسله؛ لأنه ملبوس نجس، فلا يجزئ فيه المسح كالثوب. وقال في الإملاء والقديم: يجوز.
وقال النووي في شرحه لهذا النص: قال الرافعي: إذا قلنا بالقديم وهو العفو فله شروط:
أحدها: أن يكون للنجاسة جرم يلتصق بالخف، أما البول ونحوه فلا يكفي دلكه بحال.
الثاني: أن يدلكه في حال الجفاف، وأما ما دام رطبًا فلا يكفي دلكه قطعًا.
الثالث: أن يكون حصول النجاسة بالمشي من غير تعمد، فلو تعمد تلطيخ الخف بها وجب الغسل قطعًا، والقولان جاريان فيما لو أصاب أسفل الخف وأطرافه من طين الشوارع المتيقن نجاسته الكثير الذي لا يعفى عنه، وسائر النجاسات الغالبة في الطرق كالروث وغيره، واعلم أن الغزالي وصاحبه محمد بن يحيى جزما بالعفو عن النجاسة الباقية على أسفل الخف، وهذا شاذ مردود والله أعلم.
وقال النووي في المجموع أيضًا (١/ ١٤٤): إن المراد بالقذر (يعني في حديث أم سلمة في طهارة ذيل المرأة) نجاسة يابسة، ومعنى يطهره ما بعده، أنه إذا انجر على ما بعده من الأرض ذهب ما علق به من اليابس، هكذا أجاب أصحابنا وغيرهم، قال الشيخ أبو حامد في تعليقه: ويدل على هذا التأويل الإجماع أنها لو جرت ثوبها على نجاسة رطبة فأصابته لم يطهر بالجر على مكان طاهر، وكذا نقل الإجماع في هذا أبو سليمان الخطابي، ونقل الخطابي هذا التأويل عن آباء عبد الله مالك والشافعي وأحمد -رحمهم الله- وأما حديث أبي سعيد (يعني في طهارة النعل بالدلك) فلنا في المسألة قولان: القديم: أن مسح أسفل الخف الذي لصقت به نجاسة كاف في جواز الصلاة فيه، مع أنه نجس عفي عنه، والجديد: أنه ليس بكاف. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>