للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه نجاسة ولم تغيره فهو ماء طهور بالإجماع، فما الحاجة إلى نزحه، وبئر زمزم من الماء الكثير، وليس من الماء القليل.

وقد نقل الحنفية عن محمد قوله: «اجتمع رأيي ورأي أبي يوسف أن ماء البئر في حكم الماء الجاري؛ لأنه ينبع من أسفله، ويؤخذ من أعلاه، فلا ينجس بوقوع النجاسة فيه، كحوض الحمام إذا كان يصب فيه من جانب، ويغترف فيه من جانب آخر فإنه لا ينجس بإدخال اليد النجسة فيه، ثم قلنا: وما علينا لو أمرنا بنزح بعض الدلاء، ولا نخالف السلف؟ فتركنا القياس الظاهر بالخبر والأثر» (١).

فيقال: هل تركتم قول ابن عباس لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في بئر بضاعة، وما دمتم أنكم قد صرحتم بأن قولكم هذا خلاف القياس، فهل يوجد في الشرع شيء خلاف القياس، أو أن أحكام الشريعة مطردة منتظمة، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا.

وقد تركت أقوالًا وتفريعات وتفاصيل لا طائل من ذكرها، وهي أقوال مرجوحة، وأخشى أن نفسد على القارئ فهمه لهذه الأقوال مع تداخلها، وكثرة تفريعاتها، وهي أقوال ضعيفة جدًّا مخالفة للسنة المرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما أسلفنا، والله أعلم.

القول الثاني: مذهب المالكية في التطهير بالنزح:

في المذهب المالكي قولان في الماء إذا زال تغيره بالنزح،

فقيل: يعود طهورًا؛ وإنما زال حكم النجاسة لزوال عينها.

وقيل: يستمر نجسًا، ووجهه: أن النجاسة لا تزال إلا بالماء المطلق (٢).


(١) البناية على الهداية (١/ ٤٠٨ - ٤١٠)، تبيين الحقائق (١/ ٣٠)، بدائع الصنائع (١/ ٧٤، ٧٥)، البحر الرائق (١/ ١١٧).
(٢) حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير (١/ ٤٦) وقال ابن جزي في قوانينه (ص: ٢٨): وإذا وقعت دابة نجسة في بئر، وغيرت الماء، وجب نزح جميعه، فإن لم تغيره استحب أن ينزح منه بقدر الدابة والماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>