قالوا: الماء المتغير بالنجاسة إما أن يزول تغيره بنفسه، أو بصب ماء مطلق عليه (١)، أو بإضافة تراب ونحوه.
فإن تغير الماء بنفسه، فإما أن يكون الماء قليلًا أو كثيرًا، ولم يجدوا في ذلك حدًّا بين القليل والكثير، فالقليل أواني الوضوء ونحوها، والكثير ما عداها.
فإن كان قليلًا فهو نجس اتفاقًا عندهم.
وإن كان الماء الذي تغير بنفسه كثيرًا فلأصحاب مالك فيه قولان:
الأول: أنه طهور؛ لأن الحكم بالنجاسة إنما هو لأجل التغير وقد زال والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، كالخمر يتخلل، وقد رجح هذا ابن رشد.
وقيل: إنه نجس؛ لأن النجاسة عندهم لا تزال إلا بالماء المطلق، وليس حاصلًا هنا فيستمر بقاء النجاسة.
ومع أنهم حكموا بنجاسته، إلا أنهم قيدوا الحكم بالنجاسة مع وجود غيره، أما إذا لم يوجد إلا هو فيستعمله بلا كراهة مراعاة للخلاف.
قلت: وهذا يدل على ضعف القول بنجاسته عندهم؛ لأنهم لو جزموا بالنجاسة لما صح استعماله مطلقًا، سواء وجد غيره أم لم يوجد؛ لأنه إذا لم يوجد إلا ماء نجس صار الى التيمم، كما هو الحال إذا وجد ماء متغير بالنجاسة، فهذا الاستثناء دليل على ضعف القول بالنجاسة عندهم، والله أعلم.
وإن زال تغير الماء بالنجاسة بإضافة ماء مطلق، فهو طهور اتفاقًا عندهم، حتى ولو كان المضاف قليلًا، ولا يشترط أن يبلغ الماء قلتين عندهم فلا يشترطون إلا شرطين:
أحدهما: أن يكون الماء المضاف ماء مطلقًا أى ليس ماء نجسًا ولا طاهرًا.
(١) وهذا القيد أخرج الماء النجس والماء الطاهر؛ لأنه ليس ماء مطلقًا عندهم.