للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ودوابهم فحاجة الإنسان مقدمة على غيره؛ لأن الأصل أن الله أباح لنا جميع ما على الأرض إلا ما نهي عنه.

وأما كيف يطعمه الجن ودوابهم فهذا أمر غيبي لم يكشف لنا إلا أنه لا يعني الاستهلاك كما يفعل الآدمي بطعامه؛ لأننا نشاهد العظام والروث تبلى وتفسد، ومع ذلك فالمسلم منهي عن الاستنجاء بهما، ولو فسدتا، والله أعلم.

إذا علم ذلك نأتي إلى بحث ما كلفنا به، وما لم نكلف به فالواجب التفويض؛ لأنه خبر من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فأقول:

[م-٦٤٤] اختلف الفقهاء هل النهي عن الاستجمار بالروث والعظام هل هو للكراهة أم للتحريم؟

فقيل: يكره، اختاره بعض الحنفية (١).

وقيل: يكره في العظم والروث الطاهرين، وهو مذهب المالكية (٢).

وقيل: يحرم، اختاره بعض الحنفية (٣)، وبعض المالكية (٤)، وهو مذهب الشافعية (٥)، والحنابلة (٦).


(١) كتب الحنفية نصت على كراهة الاستنجاء بعظم أو روث كما في بدائع الصنائع (١/ ١٨)، وتبيين الحقائق (١/ ٧٨)، والجوهرة النيرة (١/ ٤٠)، والبحر الرائق (١/ ٢٥٥) وأكثر كتبهم لم تفسر الكراهة هل هي للتحريم أو للتنزيه، إلا أن ابن عابدين قال في حاشيته (١/ ٣٣٩): «أما العظم والروث فالنهي ورد فيهما صريحًا في صحيح مسلم لما سأله الجن الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحمًا، وكل بعرة علف لدوابكم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما؛ فإنهما طعام إخوانكم، وعلل في الهداية للروث بالنجاسة، وإليه يشير قوله في حديث آخر: (إنها ركس) لكن الظاهر أن هذا لا يفيد التحريم». اهـ
(٢) مواهب الجليل (١/ ٢٨٨)، الشرح الكبير (١/ ١١٤).
(٣) مراقي الفلاح (ص: ٢١).
(٤) الكافي في فقه أهل المدينة (١/ ١٧).
(٥) المهذب (١/ ٢٨)، حلية العلماء (١/ ٦٥)، الإقناع للشربيني (١/ ٥٤)، إعانة الطالبين (١/ ١٠٨)، التنبيه (ص: ١٨).
(٦) الفروع (١/ ٩٢)، كشاف القناع (١/ ٦٩)، المبدع (١/ ٩٢)، المحرر (١/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>