ومعنى رد: أي مردود عليه، والوضوء بالماء المغصوب خلاف أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حزم رحمه الله:«من توضأ بماء مغصوب، أو أخذ بغير حق، أو اغتسل به، أو من إناء كذلك، فلا خلاف بين أحد من أهل الإسلام أن استعماله ذلك الماء وذلك الإناء في غسله ووضوئه حرام، وبضرورة يدري كل ذي حس سليم أن الحرام المنهي عنه هو غير الواجب المفترض عمله، فإذ لا شك في هذا فلم يتوضأ الوضوء الذي أمره الله تعالى به، والذي لا تجزئ الصلاة إلا به، بل هو وضوء محرم، هو فيه عاص لله تعالى، وكذلك الغسل، والصلاة بغير الوضوء الذي أمر الله تعالى به وبغير الغسل الذي أمر الله تعالى به لا تجزئ، وهذا أمر لا إشكال فيه. ونسأل المخالفين لنا عمن عليه كفارة إطعام مساكين، فأطعمهم مال غيره، أو من عليه صيام أيام، فصام أيام الفطر والنحر والتشريق، ومن عليه عتق رقبة فأعتق أمة غيره، أيجزيه ذلك مما افترض الله تعالى عليه؟ فمن قولهم: لا. فيقال لهم: فمن أين منعتم هذا وأجزتم الوضوء والغسل بماء مغصوب وإناء مغصوب؟ وكل هؤلاء مفترض عليه عمل موصوف في مال نفسه، محرم عليه ذلك من مال غيره بإقراركم سواء بسواء. وهذا لا سبيل لهم إلى الانفكاك منه. وليس هذا قياسًا، بل هو حكم واحد داخل تحت تحريم الأموال، وتحت العمل بخلاف أمر الله تعالى وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. وكل هؤلاء عمل عملا ليس عليه أمر الله تعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مردود بحكم النبي صلى الله عليه وسلم»(١).
• ويجاب عن كلام ابن حزم:
أن التحريم والصحة غير متلازمين، فتلقي الجلب منهي عنه، وإذا تُلُقِيَ كان البيع صحيحًا، وللبائع الخيار إذا أتى السوق، فثبوت الخيار فرع عن صحة البيع؛ ولأن النهي ليس بسبب الطهارة، وإنما عائد إلى أمر خارج، وهو الغصب.