فهنا فصل مالك الحديث المرفوع من الموقوف في روايته عن هشام، فحين روى المرفوع لم يورد قال هشام: قال أبي ثم توضئي لكل صلاة، وحين روى الموقوف لم يذكر المرفوع، والله أعلم. هذا الكلام المجمل حول الحديث، وأما تفصيله فإليك بيانه: فالحديث كما ذكرت سابقًا مداره على هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وله طرق كثيرة إلى هشام. الأول: أبو معاوية عن هشام، واختلف على أبي معاوية. فرواه يحيى بن يحيى كما في صحيح مسلم (٣٣٣). وإسحاق بن إبراهيم كما في سنن النسائي (٣٥٩). ويعقوب بن إبراهيم كما في سنن الدارقطني (١/ ٢٠٦) ثلاثتهم عن أبي معاوية، عن هشام به، بدون ذكر الوضوء لكل صلاة. ورواه هناد كما في سنن الترمذي (١٢٥) عن أبي معاوية به، بذكر الوضوء، وروايته صريحة بالرفع. ورواه البخاري (٢٢٨) عن محمد بن سلام، عن أبي معاوية بذكر الزيادة وقد سقت لفظه في الباب موقوفة على عروة بسند ظاهره التعليق؛ لأنه قال بعد ذكر الحديث، وقال هشام قال أبي، ويحتمل أنه موصول بالإسناد نفسه. وكذلك رواه إسماعيل بن قتيبة، عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية عند البيهقي (١/ ٣٤٤)، قال هشام: قال أبي: ثم توضئي لكل صلاة. وإسماعيل بن قتيبة ثقة له ترجمة في السير (١٣/ ٣٤٤). واختلف العلماء في هذه الزيادة، هل هي معلقة أم لا؟ وهل هي موقوفة أو مرفوعة؟ قال البيهقي في السنن (١/ ٣٢٧): «وفيه زيادة الوضوء لكل صلاة، وليست بمحفوظة». وقال أيضًا (١/ ٣٤٤): «والصحيح أن هذه الكلمة من قول عروة بن الزبير». وقال الزيلعي في نصب الراية (١/ ٢٠١): «وهذه اللفظة -أعني: توضئي لكل صلاة- هي معلقة عند البخاري، عن عروة في صحيحه .... وقد جعل ابن القطان في كتابه مثل هذا تعليقًا». اهـ قلت: ذكر مسلم أنه ترك تخريجها في كتابه من طريق حماد، عن هشام، وكذلك أشار النسائي إلى أنها غير محفوظة، وسوف يأتي نقل كلامهما عند الحديث على زيادة حماد. =