للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أيضًا: «وقد رأيت ما لا يحصى من المرات، من يسأل من الرجال والنساء عن مسائل دقيقة وقعت فيه، لا يهتدي إلى الجواب الصحيح فيها إلا أفراد من الحذاق المعتنين بباب الحيض» (١).

وقال ابن نجيم: «معرفة مسائل الحيض من أعظم المهمات، لما يترتب عليها ما لا يحصى من الأحكام، كالطهارة، والصلاة، وقراءة القرآن، والصوم، والاعتكاف، والحج، والبلوغ، والوطء، والطلاق، والعدة، والاستبراء وغير ذلك من الأحكام. وكان من أعظم الواجبات؛ لأن عظم منزلة العلم بالشيء، بحسب منزلة ضرر الجهل به: وضرر الجهل بمسائل الحيض أشد من ضرر الجهل بغيرها» (٢).

* وترجع صعوبة الحيض لأمور منها:

الأول: كون الحيض مما يختص به النساء. ويتعذر على الفقيه الوقوف على طبيعة الحيض بالحس والمشاهدة.

الثاني: تكلف الفقهاء في تقعيد قواعد مرجوحة لا دليل عليها، ثم رد مسائل الحيض المختلفة إلى تلك القواعد المرجوحة، مما زاد الموضوع تشعبًا وتعقيدًا.

وقد أحسن الشوكاني حين قال: «وقد أطال المصنفون في الفقه الكلام في المستحاضة، واضطربت أقوالهم اضطرابًا يبعد فهمه على أذكياء الطلبة، فما ظنك بالنساء الموصوفات بالعي في البيان، والنقص في الأديان، وبالغوا في التعسير حتى جاءوا بمسألة المتحيرة فتحيروا، والأحاديث الصحيحة قد قضت بعدم وجودها» (٣).

والملاحظ أن أحاديث الحيض أحاديث معدودة كلها تدل على يسره وسهولته، ولو كانت أحكام الحيض متشعبة كما يراه الفقهاء لكثرت الأحاديث التي تبين


(١) المجموع (٢/ ١٨٠).
(٢) البحر الرائق (١/ ١٩٩)، ولعله يقصد بالنسبة للأحكام الفقهية، وإلا فضرر الجهل بمسائل الاعتقاد أشد من غيرها. والله أعلم.
(٣) النيل (١/ ٣٣٥) ح ٣٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>