ولأن الطهر لا حد له، فقد يطول بالمرأة حتى تظن أنها آيسة، وبعود الدم تبين أنها لم تكن كذلك.
ولأن الله أخبر عن الحيض بأنه أذى، فإذا وجد الأذى فقد وجد الحيض.
قال في المحلى: «وإن رأت العجوز المسنة دمًا أسود فهو حيض مانع من الصلاة والصوم والطواف والوطء، برهان ذلك قوله صلى الله عليه وسلم -الذي ذكرناه قبل بإسناده-: (إن دم الحيض أسود يعرف).
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأته بترك الصلاة، وقوله عليه السلام في الحديث:(هذا شيء كتبه الله على بنات آدم) فهذا دم أسود، وهي من بنات آدم، ولم يأت نص ولا إجماع بأنه ليس حيضًا، كما جاء به النص في الحامل، فإن ذكروا قول الله عز وجل (وَاللَاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ)[الطلاق: ٤]. قلنا: إنما أخبر الله تعالى عنهن بيأسهن، ولم يخبر تعالى أن يأسهن حق قاطع لحيضهن، ولم ننكر يأسهن من الحيض لكن قلنا: إن يأسهن من الحيض ليس مانعًا من أن يحدث الله تعالى لهن حيضًا، ولا أخبر تعالى بأن ذلك لا يكون ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَاّتِي لا يَرْجُونَ)[النور: ٦٠]. فأخبر تعالى أنهن يائسات من النكاح، ولم يكن ذلك مانعًا من أن ينكحن بلا خلاف من أحد، ولا فرق بين ورود الكلامين من الله تعالى من اللائي يئسن من المحيض، واللائي لا يرجون نكاحًا، فكلاهما حكم وارد في اللواتي يظنن هذين الظنين، وكلاهما لا يمنع مما يئسن منه من المحيض والنكاح» (١).
وقال ابن تيمية: «إذا انقطع دمها ويئست من أن يعود، فقد يئست من المحيض،