والذي أراه أن حديثها في مرتبة الحسن لذاته. أولًا: لأنها من التابعين، والكلام في التابعين قليل، واشتراط أن يوجد فيه نص على توثيقها متعسر؛ لقلة الكلام في الرواة، ولكون الكذب في عهدهم لم يتفش. ثانيًا: البخاري قد علق في كتاب الحيض، في باب (١٩) إقبال الحيض وإدباره أثرًا عن عائشة بصيغة الجزم، وهذا يقتضي صحته إلى من علقه عنها، وهو لا يعرف إلا من رواية أم علقمة، عن عائشة، فلو كان فيها ما يقدح في روايتها لعلقه البخاري عنها، عن عائشة. ثالثًا: أن مالكًا أخرج لها في الموطأ (١/ ٥٩)، ومعلوم شدة الإمام مالك، وتنقيته للرجال، وهي مدنية، ومالك من أعلم الناس في أهل المدينة. والله أعلم. وقد نقلت في أدلة القول الأول ترجيح الإمام أحمد لرواية أم علقمة عن عائشة، على رواية عطاء عنها. وبالتالي فالأثر عن عائشة إذا انضم إلى الطريق الأول يكون صحيحًا لغيره. وروى مالك في الموطأ (١/ ٦٠) أنه سأل ابن شهاب عن المرأة الحامل ترى الدم قال تكف عن الصلاة قال يحيى: قال مالك وذلك الأمر عندنا. وقد رواه الدارمي (٩٢١) حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا مالك به. وهذا إسناد صحيح. وروى الدارمي (٩٢٧) أخبرنا حجاج، ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني أنه قال: امرأتي تحيض، وهي حبلى. [صحيح]. قال أبو محمد الدارمي: سمعت سليمان بن حرب يقول: امرأتي تحيض، وهي حبلى. وروى الدارمي أيضًا (٩٢٦) أخبرنا أبو النعمان، ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن مجاهد (وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ) [الرعد: ٨]، قال: إذا حاضت المرأة، وهي حامل، قال: يكون ذلك نقصانًا من الولد، فإذا زادت على تسعة أشهر كان تمامًا لما نقص من ولدها. وهذا سند صحيح عن مجاهد. وثبت مثله عن عكرمة. وممن قال إن الحامل تحيض: قتادة وربيعة، ومالك والليث بن سعد، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن راهوية، وجماعة. انظر التمهيد كما في فتح البر (٣/ ٤٩٩)، وزاد المعاد (٤/ ٢٣٤).