للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عندهم بلا شك، ولكن هذا الصحابي لا يعلم هل هو طهور أم لا؟ لذلك سأل النبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فدل ذلك على أنه قد استقر في ذهن الصحابة أن هناك ماء طاهرًا وليس بطهور (١).

• ويجاب عنه من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول:

لا نسلم أن الإشكال الذي يكون عند رجل من الصحابة يؤخذ منه هذا العموم؛ إذ كيف يؤخذ من فرد واحد من الصحابه سأل عن طهورية ماء البحر بأنه قد استقر في ذهن الصحابة كل الصحابة: أن هناك ماء ليس بطهور وليس بنجس، وهو الطاهر، ولو قيل: إنه قد استقر في ذهن هذا الصحابي فقط لكان فيه نزاع فكيف بهذا التعميم، والصحابة منهم الفقهاء، ومنهم من لم يُعْرَف بالفقه، وشرف الصحبة شيء والفقه شيء آخر.

الوجه الثاني:

يحتمل أن يكون الصحابي سأل عن التطهر بماء البحر، لأن بعض الصحابة كان يكره التطهر منه كابن عمر، وكعبد الله بن عمرو، فلذلك سأل عن هذا، ولم تكن علة الكراهة عندهما أنه طاهر كما سيأتي (٢).

الوجه الثالث:

أنتم جعلتم الشك الذي قام عند الصحابي دليلًا على وجود الطاهر، ونحن نرى أن حكم النبي صلى الله عليه وسلم على البحر بأنه طهور دليل على أنه لا يضر تغير الماء بشيء طاهر؛ فإن ماء البحر متغير بالملح ومع ذلك هو طهور، والاستدلال بحكم النبي صلى الله عليه وسلم أولى من الاستدلال بشك فرد واحد من الصحابة إن سُلِّم لكم بأنه قد شك.


(١) المجموع (١/ ١٣٠)، المبدع (١/ ٣٣)، الشرح الكبير (١/ ٣٥، ٣٦).
(٢) التمهيد (١٦/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>