للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم من لم يفرق بينهما مطلقًا كابن حزم.

وآخر وقف موقفًا متوسطًا، قال: إذا ادعت خلاف الظاهر كلفت البينة، وهذا رأي ابن تيمية.

وهذا الرأي وإن كان يبدو قويًا إلا أن البينة في مثل هذا تكاد تتعذر، ثم إن المرأة مؤتمنة على عدتها، والمؤتمن على شيء يقبل قوله.

هذا ملخص الأقوال، وإليك النقول عنهم جميعًا، سواء من ادعى بأن أقل الحيض له حد معين، أو من قال: بأنه لا حد لأقل الحيض.

كلام القائلين بأنه لا حد لأقل الحيض:

قال الكشناوي من المالكية: «وأقله -يعني الحيض- في العبادة دفعة واحدة، فيجب عليها الغسل بالدفعة، ويبطل صومها، وتقضي ذلك اليوم، وأما في العدة والاستبراء فلا يعد حيضًا إلا ما استمر يومًا، أو بعض يوم له بال» (١).

فإذا كان أقل الطهر عند المالكية خمسة عشر يومًا، فلا يمكن أن تنقضي عدتها إلا بأكثر من شهر، سواء قلنا: (القرء) هو الحيض، أو قلنا: المراد به الطهر.

وقال ابن تيمية: «قال في المحرر: وإذا ادعت انقضاء عدتها بالأقراء، أو الولادة قبل قولها إذا كان ممكنًا، إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل قولها إلا ببينة.

قال أبو العباس: قياس المذهب المنصوص: أنها إذا ادعت ما يخالف الظاهر كلفت البينة، لا سيما إذا أوجبنا عليها البينة فيما إذا علق طلاقها بحيضها، فقالت: حضت، فإن التهمة في الخلاص من العدة كالتهمة في الخلاص من النكاح، فيتوجه أنها إذا ادعت الانقضاء في أقل من ثلاثة أشهر كلفت البينة» (٢).

ويشكل على قول ابن تيمية رحمه الله أن الله سبحانه وتعالى جعل النساء مؤتمنات


(١) أسهل المدارك (١/ ٨٧).
(٢) الاختيارات (ص: ٥٨٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>