قلت: قد قدمت بأن تقديم الوضوء على غسل الحيض ثابت، وناقشت هذه المسألة في فصل مستقل، وهذا الذي ذكره لا يصح ذكره من الفروق بين الغسلين.
والثاني: قال ابن رجب موصولًا بما تقدم: «أن غسل الحيض يستحب أن يكون بماء وسدر، ويتأكد استعمال السدر فيه، بخلاف غسل الجنابة».
قلت: الدليل على استعمال السدر مع الماء في غسل الحيض.
(١٧٢٢ - ١٨٣) ما رواه مسلم من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن المهاجر، قال: سمعت صفية تحدث عن عائشة، أن أسماء بنت شكل سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض؟ فقال:«تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء» وذكر بقية الحديث. وقد خرجته فيما سبق.
وقد فهم القرطبي رحمه الله في المفهم أن السدر يستعمل لإزالة ما عليها من نجاسة الحيض، لا أنها تستعمله في غسل بدنها.
قال رحمه الله:«قوله: «تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها» السدر: هنا هو الغسول المعروف، وهو المتخذ من ورق شجر النبق، وهو السدر، وهذا التطهر الذي أمر باستعمال السدر فيه، هو لإزالة ما عليها من نجاسة الحيض، والغسل الثاني للحيض» (١).
فجعل القرطبي أن قوله صلى الله عليه وسلم:(فتطهر فتحسن الطهور) هو إزالة ما عليها من نجاسة دم الحيض بالماء والسدر. وقوله:(ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تصب عليها الماء) هذا وهو غسل الحيض وهو بالماء وحده.