للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا كان لفظ الذكر يشمل قراءة القرآن، وكان لفظ الذكر مطلقًا في الحديث، فمن قيد الذكر بما عدا القرآن فعليه الدليل.

وحاول أن يرده ابن رجب، فقال: «ليس فيه دليل على جواز قراءة القرآن للجنب؛ لأن ذكر الله إذا أطلق لا يراد به القرآن» (١).

وهذا غير صحيح؛ لأن قوله: «الذكر إذا أطلق لا يراد به القرآن» هل يريد لا يراد به القرآن شرعًا أم عرفًا؟

فإن كان يقصد العرف فمسلم والعرف يختلف من قوم إلى قوم، ومن زمان إلى آخر، وأما في الشرع فإن القرآن كله يسمى الذكر، قال سبحانه وتعالى: (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: ٩] وقال سبحانه: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل: ٤٤]، والآيات في هذا كثيرة، والحقيقة الشرعية في النصوص الشرعية مقدمة على الحقيقة العرفية.

(١٧٥٦ - ٢١٧) ومنها ما روى ابن المنذر، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، ثنا زياد بن أيوب، حدثنا أبو عبيد، حدثنا عبيد بن عبيدة من بني عباب الناجي، قال:

قرأ ابن عباس شيئًا من القرآن، وهو جنب، فقيل له في ذلك، فقال: ما في جوفي أكثر من ذلك.

[حسن] (٢).


(١) شرح ابن رجب للبخاري (٢/ ٤٥).
(٢) الأوسط (٢/ ٩٨). وإسناده حسن لولا عبيد بن عبيدة لم أقف على ترجمته، لكنه لم ينفرد به، فقد أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢/ ٩٨) من ثلاثة طرق عن ابن عباس، غير هذا الطريق، وذكره البخاري تعليقًا بصيغة الجزم عن ابن عباس. قال البخاري في كتاب الحيض، باب (٨) تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، قال: ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسًا.
وما دام أن البخاري علقه عن ابن عباس بصيغة الجزم فإنه صحيح أو حسن إلى من علقه عنه كما ذكر هـ العلماء في الحكم على تعليقات البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>