للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) إنما هي بمنزله هذه الآية التي في عبس: قول الله تبارك وتعالى: (كَلَاّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (١٣) مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) [عبس: ١١ - ١٦] (١).

قال ابن المنذر: «قال أنس (٢)، وابن جبير، ومجاهد، والضحاك، وأبو العالية: المراد بالآية: الملائكة» (٣).

وجواب ثان عن الآية:

قالوا: إن ما ورد في الآية ليس أمرًا، وإنما هو خبر، والله سبحانه وتعالى لا يقول إلا حقًا، ولا يجوز أن يصرف لفظ الخبر إلى معنى الأمر إلا بنص جلي، أو إجماع متيقن، ولما كان المصحف يمسه الطاهر وغير الطاهر علمنا أنه عز وجل لم يعن المصحف، وإنما عنى كتابًا آخر، وهو الكتاب المكنون.

والجواب الأول أقوى، لأن الخبر قد يأتي بمعنى الأمر، قال تعالى: (الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) [النور: ٣]. وقال سبحانه وتعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة: ٢٢٨]، بل إن النهي إذا


(١) الموطأ (١/ ١٩٩).
(٢) أخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، عن أنس رضي الله عنه: لا يمسه إلا المطهرون قال: الملائكة عليهم السلام، وانظر تفسير القرطبي (١٧/ ٢٢٥).
(٣) الأوسط (١/ ١٠٣)، وذكرهم ابن كثير في تفسيره (٤/ ٢٩٩) وزاد عليهم: عكرمة، وأبوالشعثاء جابر بن يزيد، وأبو نهيك، والسدي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقتادة. اهـ
وقال السيوطي في تفسيره (٨/ ٢٦): أخرج آدم بن أبي إياس، وعبد بن حميد، وابن جرير،
وابن المنذر، والبيهقي في المعرفة، عن مجاهد رضي الله عنه، قال: القرآن في كتابه المكنون: الذي لا يمسه شيء من تراب ولا غبار، لا يمسه إلا المطهرون، قال: الملائكة عليهم السلام. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>